<p>السلام عليكم يا دكتورة، أنا في ثالثة إعدادي، وكنت عايزة أحكيلك عن حاجة مضايقاني قوي<span dir="LTR">.</span></p> <p>أنا من جوايا حابة أذاكر وأتفوق، وكل ما بقرب من الامتحانات بحس إني متحمسة، وبخطط أذاكر كويس وأجيب درجات حلوة<span dir="LTR">.</span></p> <p>بس المشكلة إني بنام كتير جدًا، ومش قادرة أتحكم في النوم، حتى لو نمت بدري، أصحى متأخرة، وأقعد شوية وأرجع أنام تاني، وكل يوم يعدّي من غير ما أنجز اللي كنت ناوية أعمله، وده بيخليني أزعل من نفسي وأكتئب، وبحس إني مش هنجح، مع إني مش كسولة<span dir="LTR">.</span></p> <p>ماما بتزعقلي وبتقول إني مش بذاكر كفاية، بس والله غصب عني، أنا بحاول، بس النوم بيغلبني. مش عارفة أعمل إيه علشان أصحى بدري وأكون نشيطة؟ هو أنا كده فاشلة؟ أنا فعلاً تعبت من إحساسي بالعجز<span dir="LTR">.</span></p>
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا صغيرتي المجتهدة،
جميلة هي تلك الروح الطيبة، والطموح الجميل الذي يملأ كلماتكِ، ويُخبرني أنكِ على الطريق الصحيح بإذن الله.
مشكلتكِ ليست ضعفًا ولا فشلًا، بل هي نداءٌ من جسدكِ ونفسكِ يطلبان منكِ أن تنتبهي لبعض التفاصيل الصغيرة، التي إن رتّبتِها بحكمة، تحوّلتِ من فتاة مرهقة إلى فتاة متفوقة بإذن الله.
يا صغيرتي، إن ما تمرّين به يُصنَّف في علم النفس تحت ما نُسميه: "اضطراب التوازن بين الدافع والجهد"، أي أن عندكِ حافزًا داخليًّا عاليًا للنجاح، لكن جسدكِ لا يملك الطاقة الكافية لتنفيذ هذا الحافز، بسبب عدة عوامل قد تتعلق بنمط النوم، أو التغذية، أو العادات اليومية.
وقد يُضاف إلى ذلك ما نُطلق عليه: "الإرهاق الذهني الصامت" (Silent Cognitive Fatigue)، وهو نوع من التعب لا نشعر به في الرأس فقط، بل يظهر في صورة نوم كثير، أو كسل مفاجئ، أو إحساس بالحزن بدون سبب واضح، وهو شائع جدًّا في سنّكِ، خاصة مع ضغط الدراسة وقلة الحركة.
لكن أبشّرك، أن هذا أمر قابل للتحسن تمامًا، ويحتاج فقط إلى بعض التعديلات، لا إلى جلد الذات.
فاسمعيني يا حبيبتي، وتأملي هذه النقاط جيدًا:
1- ابدئي يومكِ بنيّة صادقة لله، وبدعاء صادق: قال النبي ﷺ: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل"، فكان يستعيذ مما تمرين به؛ لأن الكسل قد يُبطئ الهمة، ويُشوّش التركيز.
2- احرصي على "نوم منتظم" وليس "نوما طويلا": الجسم لا يحتاج لساعات كثيرة، بل لنومٍ منظم. ففي التربية النفسية يُنصح في سنكِ بما يُعرف بـ: "Sleep-Wake Rhythm Regulation"، أي "تنظيم إيقاع النوم والاستيقاظ"، بأن تنامي في وقت ثابت وتستيقظي في وقت ثابت حتى في الإجازات، فهذا يُعيد تنشيط ما نسميه الساعة البيولوجية للجسم.
3- مارسي نشاطًا بدنيًّا بسيطًا كل يوم، حتى لو كان تمارين تنفس أو مشي لمدة 10 دقائق. لأن الخمول الجسدي يؤدي إلى ما يُعرف بـ"Passive Fatigue"، وهو التعب الناتج عن قلة الحركة، لا عن الجهد.
4- قسّمي وقت المذاكرة إلى وحدات صغيرة: لا تقولي "هاذاكر 5 ساعات"، بل قولي "هاذاكر 20 دقيقة، وارتاح 5 دقائق"، وهكذا. هذه الطريقة تساعد على زيادة التركيز وتقليل الشعور بالملل.
5- ابتعدي عن الشعور بالذنب أو ما يُسمى بـ(Self-Sabotage)، أي أن الإنسان يُعاقب نفسه بدون سبب حقيقي، فيفقد ثقته بنفسه ويبدأ في الانهيار. والأفضل أن تتعاملي مع نفسكِ بحنان، وأن تقولي: "أنا مشكلتي بسيطة، وهحلّها بهدوء إن شاء الله، وربنا معايا."
6- تذكّري أن الله لا يضيع تعبكِ أبدًا، فكل نية خالصة للمذاكرة هي عبادة. قال الله تعالى:
﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾ فكيف بمن أحسن سعيه للعلم !
أخيرًا، حدّثي والدتكِ بهدوء، واطلبي منها أن تساعدكِ لا أن توبّخكِ. فالدعم الأسري وخاصة من الوالدين في هذه المرحلة، هو ضروري جدًّا لكي تخرجي من هذه الحالة بأمان وسرعة.
* همسة أخيرة لكِ ابنتي الجميلة:
أنتِ لستِ فاشلة أبدًا، بل أنتِ فتاة ذكية، طموحة، تمرّ بفترة يحتاج فيها الجسد والذهن إلى ترتيب وتنظيم، لا إلى لوم وتأنيب.
فلا تستسلمي للهروب اللاشعوري من المذاكرة.. ضعي جدولًا بسيطًا، وخفّفي التوقعات الثقيلة، وامدحي كل تقدم صغير، واستعيني بالله، وسترين نفسكِ قريبًا كما تتمنين، بل أفضل مما تتوقعين.