<p>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، دكتور، كيف أكتب أهدافي، أو ما كيفية صياغة الأهداف، وهل هناك من شروط في كتابة الأهداف؟</p>
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا بك أخي الفاضل على موقع استشارات المجتمع، وبعد:
كتابة الأهداف من التحديات التي تواجه الأشخاص الذين لديهم أهداف يريدون تحقيقها سواء لحياتهم الشخصية أم لحياتهم العملية؛ وهي ما يساعدهم على حفظ وحضور أهدافهم والتركيز عليها.
تكلمنا سابقا عن عالم الأمنيات، ثم تحول الأمنيات إلى أهداف وتحديد هذه الأهداف، ثم نتكلم عن شروط كتابة الأهداف.
شروط كتابة الأهداف
هل هناك طريقه معينة لكتابة الأهداف؟؟
نعم.. لكن نريد أولا أن نبين بعض الشروط في كتابة الأهداف.
1- الأهداف يجب أن تكون متمرحلة:
أخي الفاضل، الأهداف المكتوبة يجب أن تكون متمرحلة, من الخطأ أن نكتب الأهداف من دون أن تمر بمراحل، حيث التمرحل صفة أساسية لكتابة الأهداف. الشخص الذي يريد فجأة أن يصل إلى أهدافه من دون تمرحل يكون قد وقع في أخطاء كبيرة.
هناك حديث نبوي يشير إلى ذلك، حين أرسل الرسول ﷺ معاذ رضي الله عنه إلى اليمن وقال له: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن أطاعوك أعلمهم بأن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة, فإن هم أطاعوك أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم".
هل لاحظت -أخي- معي التمرحل في الوصول إلى الهدف، وهدف معاذ هنا هو دعوة أهل اليمن إلى الإسلام، وهذه الدعوة تمت على عدة مراحل؛ لذلك فالتمرحل أمر ضروري لا غنى عنه.
2- الأهداف يجب أن تكون متنوعة وشاملة:
والشرط الآخر من شروط تحديد الأهداف أن تكون متنوعة وشاملة, الحياة التي نعيشها يجب أن تكون متزنة فلا يأتي جانب على حساب جانب آخر؛ فقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" في هذا القول إشارة واضحة إلى ضرورة تنوع الأهداف، هناك أهداف دنيوية وهناك أهداف أخروية.
أيضا قول الرسول ﷺ "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا واسعًا وشفاء من كل داء". قول آخر للرسول عليه الصلاة والسلام "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".
هذه الأقوال المأثورة نقولها ليل ونهار، لكن المتأمل فيها يرى ويشعر بتنوع الأهداف التي فيها، بعضها دنيوي وبعضها أخروي، بعضها يتحقق في الحياة الدنيا وبعضها يتحقق في الحياة الآخرة.
3- الأهداف المكتوبة يجب أن تكون مرنة:
والأهداف المكتوبة يجب أن تكون مرنة. أي أن ما لم نستطع تحقيقه منها لا يعني أن نلغيه. فالهدف بداية حين تم وضعه وكتابته هو هدف سامٍ، فإذا لم يتحقق يجب أن نكون مرنين، هناك حديث رائع يشير إلى أن الرسول ﷺ كان مرنًا في أموره "ما خُيِّر الرسول عليه السلام بين أمرين قط إلا وأخذ أيسرهما، إلا إن كان إثما فيكون أبعد الناس منه". هنا تتضح لنا المرونة وأهميتها في تحديد الأهداف.
4- الأهداف يجب أن تكون مؤطرة زمنيًّا:
ومن شروط الأهداف أن تكون مؤطرة زمنيًّا، ليس شرط الهدف تحققه في مدة معين، ضع له زمنًا إن لم تستطع أن تحققه في هذا الزمن، عليك أن تكون مرنًا في زيادة هذا الزمن، وإذا حققته في زمن أقصر فهذا فضل من الله سبحانه.
هناك كذلك أحاديث تشير إلى ذلك, منها حديث الرسول ﷺ "لأعطين هذه الراية غدا رجل يفتح الله على يديه". فالرسول عليه السلام يريد أن يحقق الهدف في وقت معين، إذ تم تحديد فترة وهي اليوم التالي. وقصة علي بن أبي طالب في خيبر، حينما دُفعت الراية إلى علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه وفتح الله على يديه.
ثم حديث الرسول ﷺ "لئن بقيت لقابل لأصومن التاسع" هذا هدف رفعه عليه السلام، أي إذا بقي إلى قابل وهي سنة من الآن سوف يصوم التاسع الى جانب عاشوراء.
ثم بعد ذلك هدف بعيد الأمد لم يتحقق إلا بعد30 سنة من وفاة الرسول عليه السلام قد حدده لسبطه الحسن حينما قال إن ابني هذا سيد ولعل الله يصلح على يديه بين طائفتين عظيمتين، هدف رفعه الرسول ولم يتحقق إلا بعد 30 سنة من وفاته حينما اصطلح المسلمون والتفوا حول خليفة واحد في العام الذي عُرف بعام الجماعة.
ثم بعد ذلك الهدف الذي يتحقق في الآخرة عند حديث الرسول لربيعة بن كعب الأسلمي "اسألني، فقال ربيعة للرسول أسألك مرافقتك في الجنة". انظروا هذا الهدف الأخروي مؤطر بإطار زمني لكنه لن يتحقق في الدنيا إنما في الآخرة. لذلك الإطار الزمني ضروري وهو شرط أساسي من شروط الأهداف المكتوبة.
ترتيب الأهداف حسب أهميتها
أخي الكريم، الأهداف المكتوبة يجب علينا أن نرتبها حسب أهميتها. حديث الرسول ﷺ لعبد الله بن مسعود قال: "سألت النبي أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال الصلاة في وقتها، قلت ثم أي؟ قال بر الوالدين، قلت ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله".
هنا رفعت ثلاثة أهداف لكنها رُتبت حسب أهميتها. لذا عند كتابتنا للأهداف يجب أن نرتبها حسب أهميتها، نقدم الأهم ونؤخر الأقل أهمية وهذا ضروري حتى في إدارتنا لوقتنا بشكل يومي حيث نقدم الأهم ثم الأقل أهمية.
القارورة والماء
وسأضرب مثلا لهذا بكأس ماء وقارورة ماء، القارورة هي الأهداف التي ينبغي أن تحققها كإنسان في حياتك وهي كثيرة موجودة في قارورة الماء، أما كأس الماء فهو حياتك التي لا تتجاوز الستين أو السبعين سنة "أعمار أمتي بين الستين والسبعين".
أما القارورة فبها من الأهداف ما يتجاوز الستين أو السبعين سنة، فكيف ستحقق هذه الأهداف؟ إذا بدأت بسكب الماء في هذا الكأس، فسيمتلئ الكأس والقارورة لم تنفد بعد من الماء. إذن عليك أن تبدأ بالأهداف الأكثر أهمية ثم الأقل أهمية، وما تبقى بالقارورة من ماء فهو أقل الأهداف أهمية.
أخي، هذا كله حول حرف الميم من معادلة "محو"، وذكرنا أن حرف الميم هو الأهداف المكتوبة وأهميتها في تحقيق الأهداف، وسوف نتحدث عن بقية المعادلة لاحقًا، إن شاء الله.