<p>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، دكتور، أريد أن أحفظ أمنياتي وتكون أمامي وحاضرة دائما في ذهني، ليكون ذلك حافزًا على تحقيها، فما السبيل لذلك؟ وهل يعني الفشل في تحقيق أمنية ما ألا أجرب مرات ومرات في تحقيقها أو تحقيق غيرها؟</p>
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا بك أخي الكريم على موقع استشارات المجتمع، وبعد:
فقد عرفنا معنى الأمنية، وبيّنا أنها غير محددة بزمن وغير محددة بأشخاص، وغير محددة بمكان معين، وأنها لا قيود عليها، ولا حدود.
ثم نقول: ما الطريقة؟ وما الآلية التي من خلالها يستطيع الإنسان أن يكتب أمنياته؟ هناك آلية معينة يجب اتباعها عند كتابة الأمنية، وتطبيقها، مكونة من خمس خطوات.
الخطوة الأولى: خذ معك ورقة وقلمًا.
الخطوة الثانية: قف أمام منظر طبيعي وتأمل فيه، مع وجود خلفية لأصوات مؤثرة كأصوات الطيور، أصوات خرير الماء... إلخ.
الخطوة الثالثة: انتظر دقيقة واحدة. إذن استمع إلى الأصوات المؤثرة لمدة دقيقة واحدة.
الخطوة الرابعة: قيّد ما يخطر على بالك من أمنيات لمدة دقيقتين وأنت تتأمل في المنظر الطبيعي وتستمع إلى المؤثرات.
الخطوة الخامسة: اختر خمسًا منها مرتبة حسب أهميتها. لا تضع حدودًا ولا قيودًا لها.
ملاحظة حول الكتابة: الكتابة أمر ضروري؛ لأن الأمنيات مع الكتابة ستحفر وتحفظ في ذهنك، وهناك في الأثر (قيّدوا العلم بالكتابة).
أخي الفاضل، هذه آلية لكتابة الأمنيات، قم بهذا التمرين، اكتب ما يخطر على بالك من أمنيات، ثم اختر خمسًا منها، وعملية الاختيار هي مجرد تحريك العجلة.
وعملية كتابة الأمنيات هي مهارة، هي كالعجلة موجودة داخل كل واحد منا، ولكن للأسف هي متوقفة، وعليها الكثير من الصدأ، متوقفة على مدار سنين، فحتى نقوم بتحريكها، لا بد من اختيار عدد قليل منها ثم كلما تحركت العجلة، زدنا عدد الأمنيات.
الأخ الحبيب، لا تختر عددًا كبيرًا من الأمنيات في البداية، لأنه لا بد من تحريك العجلة في البداية، ثم بعد ذلك نزيدها شيئًا فشيئًا، ولا تنس أن كتابة الأمنيات مهارة، وهي تشبه العجلة التي نحركها شيئًا.. فشيئا، فعلينا أولا أن نحركها، لكي ننطلق في كتابة الأمنيات من دون حدود ولا قيود.
الأمنيات الممنوعة
ثم بعد ذلك -أخي- هناك بعض الأمنيات لا بد من الابتعاد عنها، وذلك حسب بعض الأحاديث النبوية الواردة في ذلك، كما في حديث الرسول ﷺ حين قال: (لا يتمنين أحدكم الموت، ولا يدعو به من قبل أن يأتيه). لا يوجد أمنية من هذا النوع، لا يقول أحدكم أتمنى أن أموت، هذه ليست أمنية وتمنيها أمر منهي عنه.
ثم بعد ذلك حديث الرسول ﷺ فقال: (لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية)؛ فعلى المرء ألا يتمنى لقاء العدو، وأن يسأل دائمًا الله العافية.
وحديثه حين قال: (لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، أو يقول اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة، فإنه لا مكره له). لاحظوا كيف يدفعنا الرسول ﷺ دفعًا نحو وضع الأمنيات من دون حدود أو قيود، هذه القضية ينبغي أن تكون واضحة في الأذهان.
من شروط وضع الأمنيات ألا ييأس الإنسان في تحقيقها يوما ما في المستقبل، لا بد أن تكون لديك هذه الفكرة، وضعت الأمنية، إذا ضع في حسبانك أنك في يوم ما ستتحقق.
أمنيات رئيس أمريكي
دعنا أخبرك عن قصة رجل فشل في عالم التجارة حينما كان يبلغ من العمر 21 سنة، وفشل في الوصول إلى منصب قانوني، وفشل مرة أخرى في عالم التجارة وإدارة المال حينما كان يبلغ من العمر 24 سنة، وعانى من موت زوجته، وتخطى الأمر بصعوبة حينما كان يبلغ من العمر 26 سنة، وأصيب بانهيار عصبي حينما كان يبلغ من العمر 27 سنة.
وفشل في الوصول إلى الكونغرس الأمريكي حينما كان يبلغ من العمر 34 سنة، وفشل في الوصول إلى بيت الشيوخ الأمريكي حينما كان يبلغ من العمر 45 سنة، وفشل في الوصول إلى منصب نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حينما كان يبلغ من العمر 47 سنة، وفشل في الوصول إلى بيت الشيوخ الأمريكي مرة أخرى، حينما كان عمره 49 سنة.
ولكنه في جميع هذه الأحوال رفع أمنية أن يكون رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية فوصل إلى منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حينما كان يبلغ من العمر 52 سنة، من هذا الرئيس؟ أتعرفون اسم هذا الرئيس؟ هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إبراهام لينكولن.
دعنا نستفد من إصرار هذا الرئيس على تحقيق أمنياته، رغم الفشل والانهيار العصبي، والأمور الكثيرة التي لم يستطيع أن ينفذها في حياته، ورغم هذه المشاكل فلم ييأس في الوصول إلى أمنيته حتى وصل لها. هل نسمي هذا الرجل فاشلا؟ بالطبع لا، فالفشل في ذهن إبراهام لينكولن هو طريق جبري للوصول إلى النجاح، هكذا ينبغي أن ننظر إلى الفشل، للوصول إلى النجاح، هو طريق إلزامي عليك أن تمضي قدمًا في هذا الطريق، رغم الفشل الذي فيه؛ لأن ما وراء الطريق هو النجاح في تحقيق الأمنيات.
دجاج كنتاكي
أخي الكريم، إليك هذه القصة الأخرى:
الكولونيل ساندروس حصل على أول شيك تقاعدي بمبلغ 100 دولار، بلغ من العمر 65 سنة، فاستلم أول شيك تقاعدي بمبلغ 100 دولار، فأصيب بخيبة أمل كبيرة وصرخ قائلاً: هذا لست أنا، لم أخلق لهذا، فأخذ يروج لوصفة طعام لطهي الدجاج، وصفتها أمه له، ومر على أكثر من 1000 محل يعرض عليهم وصفته، وكانت ترفض في كل مرة، وكانوا يرفضون مجرد مقابلته، حتى وافق أحدهم بعد المحاولات الكثيرة التي فاقت الألف، ووافق أحدهم على تبني وصفته من دون شروط وقيود، ومنها برزت سلسلة دجاج كنتاكي المعروفة في أنحاء العالم.
هذا هو الكولونيل ساندروس، لكنه لم ييأس. من منا يستطيع أن يتحمل 1000 مرة من المحاولات من دون أن ييأس؟ ولكن نحن لن نقول 1000، من منا يستطيع تحمل 10 مرات من المحاولات الفاشلة من دون أن ييأس؟ كثير منا ييأس من ثاني أو ثالث محاولة، هذا خطأ، المحاولات يجب أن تستمر من دون اليأس لتحقيق الأمنيات، 1000 مرة من المحاولات حتى تمكن من الوصول إلى محاولاته.
أخي الفاضل، عرفنا في (عالم الأمنيات) أن الأمنيات ضرورية جدًّا لمن يريد أن يكون متميزا في هذه الحياة، فالأمنيات سنشتق منها الأهداف والغايات، والأمنيات مهمة جدًّا حتى يستطيع الإنسان أن يمضي في هذه الحياة، وعنده شعور بأهدافه وغاياته، الأمنيات لا بد أن تحدد وتكتب، الأمنيات لها شروط.
الأمنيات تحقق من خلال تطبيق معادلة (أخوك)، الألف والخاء والواو والكاف، الألف (استعن بمن هو أهل الاستعانة)، الخاء (خذ برهة من الزمن)، الواو (وضح الأمنيات في ذهنك)، والكاف (كن مبتكرًا في تحديد الأمنيات)، الابتكار ينبغي أن يكون ابتكارًا من دون قيود، من دون حدود، لا بد أن يكون خيالك خصبًا.
وأخيرًا، لا بد أن يتمنى الإنسان أمنيات كثيرة، لأنه في أفضل أوقاته لن يحقق إلا نصف أمنياته، وهناك أمنيات ينبغي أن يبتعد عنها مثل تمني الموت، ومنها تمني لقاء العدو، والمرء في مثل هذه القضايا يسأل الله العفو والعافية، هناك كذلك أمر مهم جدًّا وهو ألا ييأس الإنسان في طريقه نحو تحقيق تلك الأمنيات، حتى يحققها.