وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا بك أخي الفاضل على موقع استشارات المجتمع، وبعد:

 

فقد تناولت في موضوع (كن متميزًا)، أول مرحلة من مراحل التميز وهي مرحلة (اكتشاف الذات)، وكتبت معادلة على هيئة بيت شعر يقول:

 

خمسًا لذاتك اكتشف  **  تبدأ جميعًا بالألف

 

أخي الفاضل، وتطرقت للألف الأولى والألف الثانية. أما الألف الأولى، والتي من خلالها يكتشف الإنسان ذاته وقدراته، وهي (اقرأ واطلع).

 

أما الألف الثانية فهي (اختبر)، وتعرفنا كيف من الممكن للإنسان من خلال الاختبار أن يكتشف القدرات التي فيه، وأخذنا اختبارًا بسيطًا مكونًا من عشرين سؤال، من خلاله تعرفنا إلى أنواع الشخصيات التي يتحلى بها كل فرد منا، وتطرقنا إلى ثمانية أنواع من الشخصيات، ونحن الآن معكم لاستكمال هذه المعادلة.

 

استشر

 

الألف الثالثة هي (استشر)، نعم.. من خلال السؤال يستطيع الإنسان التعرف إلى الكثير من نقاط الضعف والقوة، والتي يمكن أن يتحلى بها أو يعاني منها، استشر -أخي الفاضل- أهل الاختصاص، هناك قول مأثور يقول: "ما خاب من استخار، وما ندم من استشار"، استشر أهل المعرفة والاختصاص، واستخر الله سبحانه وتعالى.

 

اسأل الناس المتميزين، فيوجد عيادات حالية للتعرف إلى نقاط القوة والضعف لديك، اذهب إليها واستشر الأطباء والمختصين عن شخصيتك، فلتكتشف ذاتك من خلال الاستشارة، وهذه هي الكلمة الثالثة (استشر).

 

اختلط

 

أما الألف الرابعة من تلك المعادلة فهي (اختلط)، اختلط بالناجحين أيها السائل العزيز، وذلك لتتعرف إلى إيجابيات وسلبيات شخصيك، هناك حديث شريف للرسول ﷺ يقول فيه: "الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف".

 

المراد بالتعارف والتناكر هو التقارب في الصفات والتفاوت فيها؛ لأن الشخص إذا خالفتك صفاته أنكرته، إن الإنسان إذا وجد.. أو إن الإنسان كما يقول "رضوان محمد رضوان" في تعليقه على كتاب رياض الصالحين: "إن الإنسان إذا وجد في نفسه نفرة عن ذي فضل وصلاح، فينبغي أن يبحث عن المقتضي لذلك، ليسعى في إزالته، فيتخلص من الوصف المذكور، وكذا عكسه".

 

أما سمعت قول الرسول ﷺ: "هم القوم لا يشقى جليسهم"، اختلط بالناجحين حتى تتكشف لك صفاتهم الرائعة، حتى تتكشف لك عاداتهم الحسنة.

 

استعد

 

أخي الفاضل، ننتقل معا إلى الحرف الخامس، وهو (استعد)، الاستعداد النفسي والتهيؤ النفسي، أمر ضروري جدًّا حتى تقتحم المرحلة الثانية، ولن تستطيع أن تتقن عالم الأمنيات، ولن تتقن أيًّا من المهارات الأخرى حتى تستعد نفسيًّا لأي قرار تتخذه، وذلك حتى تتميز في هذه الحياة.

 

هناك طرق كثيرة ليتهيأ الإنسان نفسيًّا، منها أن يرفع شعارًا، ويخطه على ورقة ويعلق هذه الورقة على جدار في بيته ويقرأه، دوما صباحًا ومساء، ومن هذه الشعارات الرائعة شعار (هيا قرر ولا تؤخر)، هيا اكتبه وعلقه على أحد جدران المنزل، واقرأه دومًا، هذه إحدى الطرق التي تهيئ الفرد نفسيًّا للدخول في المراحل المتقدم لمرحلة اكتشاف الذات، من أجل التميز.

 

من طرق الاستعداد النفسي أيضًا التخلص من الكلمات المتشائمة، والكلمات السلبية التي نعاني منها مثل كلمة (مستحيل)، تخلص من هذه الكلمة، اكتبها على ورقة وأهن هذه الورقة، مزق هذه الورقة.

 

ومن طرق الاستعداد النفسي الاستماع إلى ما يقوله العلماء بخصوص هذا الدماغ، والقدرات العجيبة التي فيه، هذا الدماغ كما يقول هربر بنسن -وهو أحد علماء النفس- في كتابه "مذاهنتك القصوى": "هذا الدماغ يتكون من فصين، فص أيمن وفص أيسر، الفص الأيمن مسؤول عن قضايا ووظائف، وكذلك الفص الأيسر، فمن وظائف الفص الأيسر الكلام والمنطق، والتعامل مع الأرقام وتحليلها، أما الفص الأيمن فهو مسؤول عن الإبداع والابتكار، التغيير والتجديد في الحياة".

 

ولا يستطيع أحد من الناس الاستغناء عن وظائف الفص الأيمن إذا أراد التميز في الحياة، من منا يستطيع أن يستغني عن الابتكار، ومن يستغني عن الإبداع، وكلها من وظائف الفص الأيمن.

 

ويقول كذلك بنسن: "على الإنسان أن يستفيد من وظائف الفص الأيمن، وأن يتحين الفرص التي من خلالها يكون الفص الأيمن والفص الأيسر على أشدهما من التماسك".

 

أخي الكريم، هناك لحظات يتكلم عنها هربر بنسن يستطيع الإنسان من خلالها أن يتخذ القرار وأن يهيئ نفسه، لأي قرار يتخذه، هناك لحظات يجب أن يستفيد منها، لحظات خشوع بعد أداء صلاة، لحظة تأمل في خلق الله، لحظة إنصات، ولحظات الإنصات عندنا كثيرة نحن المسلمين، منها لحظة الإنصات للقرآن الكريم، وهو يتلى، وخلال هذه اللحظات يستطيع الإنسان أن يهيئ نفسه لأي قرار يتخذه حتى يتميز في حياته.

 

وأخيرًا، تذكر –أخي- دائمًا هذه المعادلة لاكتشاف ذاتك:

 

خمسًا لذاتك اكتشف  **  تبدأ جميعًا بالألف

 

أما الألف الأولى فهي (اقرأ واطلع)، والألف الثانية هي (اختبر)، والألف الثالثة هي (استشر)، والألف الرابعة هي (اختلط)، أما الألف الخامسة فهي (استعد).