<p>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل البيئة التي ننشأ ونعيش فيها لها تأثير في تكوين عادات الإنسان اليومية والحياتية دون ان نشعر، وهل من أمثلة على ذلك؟</p>
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلا ومرحبا بك أخي الفاضل على موقع استشارات المجتمع، وبعد:
فالبيئة التي نعيش فيها تدفعنا دفعًا نحو الإتيان بعادات سيئة من دون أن نشعر بذلك، وسأعطي سبعة أمثلة، سبعة أمثلة موجودة في عالمنا الواقع. عادات تعودنا عليها ولا نكاد نشعر بها لأن المجتمع يدفعنا إليها دفعا، التيار جارف قوي جدًّا والبيئة لها تأثيرها القوي جدًّا في مثل هذه القضايا بحيث لا نكاد نشعر بهذه العادات السيئة فيما يخص على سبيل المثال عاداتنا مع الأولاد وطريقة التصرف معهم وطريقة توجيههم، والأمثلة هي:
أولاً: الأولاد كلمة تبدأ بحرف الألف لا ننسى ذلك. أولاد، يقول أحد الأساتذة الأفاضل من قسم علم الاجتماع في جامعة الكويت إن الإنسان عليه أن يضم ابنه على صدره اثنتي عشرة مرة في اليوم وهذا الحد الأدنى من الحنان المطلوب من هذا الأب أو المطلوب من هذه الأم تجاه هذا الولد، اثنتي عشر مرة في اليوم والليلة.
السؤال الذي أوجهه إلى لآباء والأمهات، من منكم يضم ابنه إلى صدره اثنتي عشر مرة في اليوم في أوقات مختلفة في اليوم والليلة؟ سألت هذا السؤال لمجموعة من الآباء والأمهات، يكاد يكون عدد الأشخاص الذين رفعوا أيديهم إجابة لهذا السؤال هم قلة نادرة؛ لأن المجتمع تعوَد على هذه الطريقة، المجتمع لم يتعود على أن يضم أولاده بهذه الطريقة التي وصفها هذا الأستاذ؛ إذًا عادة جارفة جرفتنا مع هذا المجتمع مع أنها خلاف ما توصل إليه العلم.
ثانيا: فيما يخص صلة الرحم، صلة الرحم كلمة تبدأ بحرف الصاد لا ننسى ذلك. من منا أخي الكريم- يصل رحمه هذه الأيام بشكل يومي؟ كم مرة رفعت الهاتف واتصلت بوالدتك أو اتصلت بوالدك في هذا اليوم؟ كم مرة زرتهم؟ كم مرة ذهبت إليهم وأدخلت السرور في قلوبهم؟ قليل من الناس من يفعل هذه العادة في مثل هذه الأيام.
ثالثًا: الدعوة إلى الخير، الدعوة كلمة تبدأ بحرف الدال. الدعوة، من منا اقتطع جزءًا من وقته أو ماله أو جهده للجنة من لجان الخير؟ تطوعًا هكذا لله بدون مقابل؟ من منا يفعل ذلك بشكل يومي أو بشكل أسبوعي؟ ستجد بأن قليل من الناس من يرفع يده.
رابعا: الذهاب إلى العمل، والعمل يبدأ بحرف العين. هناك عادات نعاني منها في مجال العمل. أخي الفاضل، العمل عندنا في هذا البلد يبدأ السابعة والنصف صباحا، كم من الموظفين في هذا البلد الكريم يلتزم بهذا الدوام؟ يصل إلى مكان العمل قبل الساعة السابعة والنصف؟ أو يصل تماما الساعة السابعة والنصف؟ سألت هذا السؤال لمجموعة من الموظفين، قلة من رفع يده. كثير منهم يصل إلى عمله بعد الساعة السابعة والنصف، وهذه عادة سيئة ينبغي أن نغيرها.
كيف يستحل المرء لنفسه أن يستمتع براتب يقبضه في نهاية الشهر وهو يفرط في الدوام الرسمي؟ وكذا الحال لنهاية الدوام. الدوام ينتهي رسميا الساعة الثانية والنصف في هذا البلد الكريم. كم واحد منا ينتظر إلى الساعة الثانية والنصف أو بعد هذا الوقت؟ قليل من الناس من ينتظر، كثير من الناس يخرج ويغادر مكان عمله قبل الساعة الثانية والنصف.
هذا بالإضافة إلى جانب وجود عادات سيئة أخرى أثناء الدوام منها استعمال الهاتف لمكالمات شخصية، ومنها الوجبات وسفرات الطعام التي تفرش هنا وهناك في أقسام كثيرة، إلى جانب فترات شرب الشاي وفترات قراءة الصحف وفترات شرب القهوة، إلى جانب فترة الصلاة، ما قبلها من استعداد وما بعدها. هناك فترات كثيرة أثناء الدوام ينبغي أن يفكر الإنسان بها.
لكن إذا وجدت هناك لوائح تنظم هذه القضايا، على سبيل المثال: صلاة الظهر في أوقات محددة، فهذا أمر لا مانع منه بل هو عادة حسنة لكننا نتكلم عن العادات السيئة التي لا تنظمها لوائح لوائح العمل.
خامسًا: مجال التقوى، مجال تقوى الله. تقوى الله تبدأ هذه الكلمة بحرف التاء. وهناك عادات كثيرة كذلك فيما يخص تنفيذ الحقوق تجاه الله سبحانه وتعالى. العمل بما أمرك الله به، على سبيل المثال: قراءة القرآن، من السنن المؤكدة التي حثنا عليها رسول الله ﷺ القرآن وقراءته.
أخي الكريم، من منا يقرأ القرآن بشكل يومي حسب السنة النبوية؟ جزء كامل في اليوم يختم القرآن كله في الشهر الواحد، قليل من الناس من يفعل ذلك بل تكاد ترى المسلمين في هذه العصور يقرؤون القرآن ختمة واحدة من رمضان إلى رمضان. علينا كذلك أن نتفحص هذه العادات ونأخذها بعين الحسبان ونسأل أنفسنا هل تنطبق علينا الآية القرآنية {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}، علينا أن نتفكَر فيما نحن عليه.
سادسا: مجال الفكر العقلي، الفكر، والفكر كلمة تبدأ بحرف الفاء. من منا يطور فكره بشكل يومي؟ متى آخر كلمة فحصتها في القاموس أيها الأخ؟ متى آخر كلمة عرفت معناها أيتها الأخت؟ هل أنت تتابعين المقالات والكتب الحديثة؟ هل أنت تقرأ ما يدور في الصحف وفي المكتبات من كتب؟ هذه قضية كذلك أطرحها للجميع، عادات سيئة نقع فيها في مجال تطوير فكرنا.
وأخيرًا، أختم بالمجال السابع من مجالات العادات السيئة التي تعودنا عليها وجرَنا التيار الجارف في المجتمع إليها التي هي العادات التي تخص الحياة الزوجية. والحياة الزوجية فيما يخص الزوج أو الزوجة تبدأ هذه الكلمة بحرف الزاي. الزوج أو الزوجة أو الحياة الزوجية.
والسؤال الذي أطرحه -أخي الكريم- من من الأزواج ينصت لزوجته كاملا وهي تتكلم؟ ومن من الزوجات تنصت لزوجها كاملا حينما يتكلم وتقدره وتحترمه؟ الاحترام والتقدير ينبغي أن يكون متبادلا بين الزوج والزوجة، لكن هذا الأمر نفتقده حتى أن أحد القضاة في هذا العصر قاضي الأحوال الشخصية يقول إن نسبة كبيرة جدًّا تصل إلى 30% في أحد البلدان العربية من حالات الطلاق تكون بسبب عدم إصغاء الزوج لزوجته وعدم احترام وتقدير الزوجة لزوجها.
أخي، إذًا هذه عادات سيئة، عادات غير حسنة لا يفتخر بها الإنسان فيما يخص الأولاد ويبدأ بحرف الألف، وفيما يخص صلة الرحم تبدأ هذه الكلمة بحرف الصاد، وفيما يخص الدعوة وتبدأ هذه الكلمة بحرف الدال، وفيما يخص العمل وتبدأ هذه الكلمة بحرف العين، وفيما يخص تقوى الله وتبدأ هذه الكلمة بحرف التاء، وفيما يخص الفكر وتبدأ هذه الكلمة بحرف الفاء، وفيما يخص الزوجة أو الزوج وتبدأ هذه الكلمة بحرف الزاي.
لو جمعنا هذه الحروف على بعضها البعض تصبح اصدع تفز، فقد ركبت من هذه الحروف كلمتين حتى لا ننساها، حتى تكون حاضرة في الذهن، حتى نعلم أن هناك عادات كثيرة فيما يخص هذه المجالات السبعة يجب أن نغيرها إلى الأحسن أو يجب أن نطورها لكي تصل إلى أعلى مستوى لها.
أخي الفاضل، حتى نخرج خارج منطقة الراحة التي تعودنا عليها والعادات الكثيرة التي نشأنا عليها علينا أن نعاني في البداية. أمر بسيط لمن تشرّب به، لمن عقله، لمن اقتنع به. هو أمر بسيط، في البداية علينا أن نعتقد في هذه القضية ثم ننطلق.