<p>أريد أن أكون قويًا في دفاعي عن ديني، وأن أتمكن من مجادلة المخالفين بأسلوب علمي وشرعي قوي. لكنني أشعر أحيانًا بالضعف في هذه المجادلات بسبب قلة معرفتي ببعض المسائل الدينية الدقيقة. كيف يمكنني أن أثقف نفسي في ديني بشكل أفضل؟ وكيف أتمكن من إقناع الآخرين وإثبات صحة موقفي دون الوقوع في الأخطاء أو أن أتأثر بالمخالفين؟</p>
أخي السائل الكريم: إنّ طلب العلم الشرعي والسعي إلى تقوية المعرفة الدينية أمر عظيم، والرسول ﷺ قد حثّ على التفقه في الدين، فقال: (من يرد الله به خيرًا يُفَقِّهُهُ في الدين)، ولا شك أن المجادلة في الدين قد تكون مسؤولية كبيرة، خاصة إذا كان الهدف هو الدعوة إلى الحق وإثباته أمام المخالفين. ولذلك، فإن الإجابة على سؤالك تتطلب منك خطوات عملية ومدروسة لزيادة معرفتك، وتمكينك من مجادلة المخالفين بأسلوب علمي صحيح ومؤثر.
أولًا: تعلم العلم الشرعي القوي
لتتمكن من مجادلة المخالفين بثقة، يجب أن تكون لديك معرفة شرعية راسخة، وتلك مصادر العلم والتعلم:
1. ابدأ بحفظ القرآن الكريم: فالقرآن هو المصدر الأول والمرجع الأسمى في شتى المسائل. ولا شك أن حفظ القرآن وفهم معانيه سيكون له دور كبير في تقوية إيمانك وزيادة معرفتك.
2. الحديث النبوي الشريف: بعد القرآن، تعتبر السنة النبوية مرجعًا أساسيًّا في فهم الإسلام، خصوصًا عند مجادلة المخالفين، فتعلُّم الحديث الصحيح وتفسيره سيمنحك الأدوات اللازمة للرد على المخالفين بأسلوب عقلاني.
3. الدروس العلمية: تابع المحاضرات والندوات العلمية التي تناقش قضايا دينية معاصرة. في عصر الإنترنت، يمكنك الاستفادة من العديد من المواقع والدورات التي تُقدّم هذا العلم بشكل موثوق.
ثانيًا: فهم المنهج العلمي في الجدل
1. المنهج الموضوعي في المجادلة: المجادلة يجب أن تكون قائمة على الحجة والدليل، لا على العاطفة أو الهجوم الشخصي. قال الله تعالى: {وقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}؛ فواجبك أن تكون دائمًا مهذبًا، ترد على المخالف بحجة ولباقة، وتُظهر له أنك لا تجادل من أجل الجدال، بل لتوضيح الحق.
2. استمع جيدًا للمخالفين: أحيانًا من المهم أن تستمع بعناية لآراء الآخرين لتتمكن من الرد عليها بشكل أفضل. حاول دائمًا أن تعرف نقاط ضعف حججهم لتتمكن من الرد عليها بعلم وموضوعية.
3. الاستفادة من كتب الردود: من الكتب المهمة التي يمكن أن تكون مرجعًا لك في الرد على المخالفين هي كتب العلماء الذين جمعوا بين المعرفة والمهارة في التعامل مع المخالفات الفكرية، مثل كتب الإمام الشافعي.
ثالثًا: الاعتزاز بالعلم الصحيح
أنت لا تحتاج إلى أن تكون خبيرًا في كل مجال ديني، لكن يجب أن تكون معتزًا بما تعلمته، مدركًا لحدود معرفتك. كما كان الصحابة يسألون رسول الله ﷺ عندما شكوا في أمر ما، فاعتمد على المشايخ الثقات وابتعد عن الخوض في أمور قد تتسبب في التشويش على فهمك. قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، لا تتردد في الاستفسار عندما تشعر بالشك أو القلق من قول ما قد يكون غير صحيح.
رابعًا: الثقة بالله أولًا، ثم في علمك
عندما تجادل المخالفين، تذكّر أن الحق معك إذا كان كلامك مبنيًا على الكتاب والسنة. لا تتأثر بالكلام الذي قد يزعزعك أو يربكك، بل اعتمد على هدوئك وثقتك بأن الله معك، وأنك على الحق إذا التزمت بما أمرت به. كما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَجْادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ}.
واسمح لي بتقديم عدد من الوصايا العملية:
1- خصص وقتًا يوميًّا لدراسة العلم الشرعي: سواء كان من خلال قراءة القرآن، أو الاستماع لشرح الأحاديث، أو متابعة الدروس العلمية.
2- حافظ على آداب الجدل: لا ترفع الصوت، ولا تستخف بمخالفيك. الجدل يجب أن يكون في حدود الأدب والاحترام.
3- ابدأ بنقد الذات: تأكد دائمًا من أن موقفك مضبوط بما يتوافق مع الشرع، ولا تنجرف وراء الآراء الشخصية.
4- استفد من العلماء والمشايخ: اجعل لك مرشدًا دينيًّا موثوقًا يساعدك في تثبيت معلوماتك ويدلك على الطريق الصحيح في الردود.
وأسأل الله تعالى لك دوام التوفيق والسداد..