وساوس الرياء في الدعوة.. كيف أتعامل معها؟

<p>أنا إمام وخطيب في إحدى الدول، وأفرح بهداية الناس على يدي، لكن بين الحين والآخر تَأْتيني وساوس بأنني قد أكون أُقدم النصيحة والدعوة لأجل مدح الناس أو طلب الثناء، وهو ما يجعلني أشعر بالرياء. هذا الشعور يؤرقني ويؤثر في قدرتي على الاستمرار في مهمتي. كيف أتعامل مع هذا الشعور وأتأكد من أنني على الطريق الصحيح؟ وهل يجب أن أترك الدعوة إذا كنت أشعر بهذا التوجس؟</p>

أخي الكريم، نسأل الله لك التوفيق في رسالتك العظيمة وفي عملك المبارك. ما تشعر به من وساوس هو أمر طبيعي يتعرض له العديد من الدعاة والمخلصين في عملهم، وهو في الأساس اختبار من الله تعالى لنواياهم.

 

إنَّ ما تشعر به من وساوس حول الرياء لا يعني أنك في رياء، بل هو جزء من التمحيص الذي يعمله الله في القلوب، ليميز الصادقين من غيرهم. وقد قال النبي ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"؛ فالنية هي ما يميز العمل، فإن كان عملك في الدعوة خالصًا لوجه الله تعالى، فحتى مع شعورك بتلك الوساوس، لا يعني أن عملك يصبح رياء.

 

كيف تتعامل مع هذا الشعور؟

 

1. اجعل دعوتك لله وحده: يجب أن تذكر نفسك دائمًا بأنك تدعو إلى الله، وهدفك هو نصرة الحق وهداية الناس، وليس الحصول على مدح أو شهرة.

 

2. الإخلاص في النية: استحضِر نية الإخلاص في كل مرة تؤدي فيها عملك الدعوي، وذكر نفسك دائمًا بحديث رسول ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات"، فعليك أن تجدد نيتك وتخلصها لله سبحانه وتعالى.

 

3. تذكر أن الرياء يقبل على القلوب: عندما تشعر بتلك الوساوس، فاعلم أن الرياء يكثر في الأعمال الجليّة. لا بأس في أن تستمر في الدعوة، لكن مع ضرورة مراقبة نواياك وتجديدها في كل مرة.

 

4. الثقة بأنك على الطريق الصحيح: عليك أن تعزز الثقة في قلبك بأن الله يراك في كل حال. الإخلاص يكون بالاستمرار في العمل الصالح والتوجه إلى الله بالنية الطيبة، مهما كانت الوساوس.

 

5. اللجوء إلى الله بالدعاء: أكثر من الدعاء بأن يخلص الله عملك، كما كان النبي ﷺ يقول: "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم"، ادعُ الله أن يطهر قلبك من كل شائبة.

 

واسمح لي بتقديم عدد من الوصايا العملية لك:

 

1) الاستمرار في العمل: مهما كانت الوساوس، استمر في الدعوة والعمل الصالح. حتى لو شعرت بالتردد، فإن الله تعالى يعلم صدقك.

 

2) الصحبة الطيبة: إحاطتك بأشخاص ذوي نوايا صافية وصادقة قد تساعد في تقوية عزيمتك وإزالة هذه الشكوك.

 

3) مراقبة النفس: بين الحين والآخر، قم بمراجعة نفسك وتقييم نواياك.

 

4) الاعتراف بالنقص: اعترف لنفسك بضعفك أمام الله واطلب منه الإعانة.

 

5) عدم الانقطاع: لا تترك الدعوة بسبب هذه الوساوس؛ فالدعوة إلى الله مهمة عظيمة وإن كانت فيها صعوبة، فالله عزَّ وجلَّ يرفع بها درجاتك.

 

وختامًا:

 

أخي الكريم، لا شك أن ما تقوم به هو عمل عظيم وله أجر عظيم إذا أخلصت فيه النية لله. فاستمر في الدعوة واثبت على عملك، مع اللجوء إلى الله وتطهير قلبك من أي شائبة من الرياء. الله تعالى يعلم ما في قلبك، فإذا كانت نيتك صادقة في دعوته، فسيكون عملك مقبولًا، بل ويزيده الله بركة وأثرًا.