حكم الاستدانة من أجل أداء نسك الأضحية

<p>بعض الناس يستدين من أجل الأضحية، وقد يستدين بالربا من البنوك أو غيرها، لأنه تعود على هذه الأضحية ويشعر بالحرج الاجتماعي أو لم يضح، فهل هذا صحيح؟</p>

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالأضحية سنة مؤكدة على الرأي الراجح عند جمهور الفقهاء، وحتى الحنفية الذين أوجبوها -ورأيهم مرجوح- اشترطوا القدرة؛ فالذي لا يقدر على الأضحية لا تجب عليه عند أحد من الفقهاء.

 

وإذا كان المسلم متيقنًا من أداء الدين في أقرب وقت فلا مانع، أما إن كان غير قادر على الأداء فسيقع في حرج اجتماعي أشد، فلئن يقول الناس إنه لم يضحِ أقل بكثير من أن يقولوا مماطل، لا يدفع حقوق الناس!

 

والاستدانة وإن كانت جائزة من حيث الأصل عند الحاجة إليها، غير أن الشريعة وروحها العامة لا تحبذ للمسلم أن يعيش رهن الدَّين، وأن يغرق نفسه بالديون من أجل الكماليات التي كان من الممكن أن يحيا بدونها دون أن يتأثر بشيء، وفرق بين الحكم الشرعي الذي يجيز المعاملة من حيث الأصل فهي من المباحات وبين أن يسرف المسلم في استعمال المباح حتى يقع في الحرام.

 

أما الذي يستدين بالربا فقد وقع في كبيرة من أكبر الكبائر من أجل سنة من السنن، والله طيب لا يقبل إلا طيبًا.

 

ونذكر السائل بقول النبي ﷺ يغفر للشهيد كل شيء إلا الدَّين، وكان ﷺ لا يصلي على المسلم الذي توفي وعليه دَين ولم يترك له أداء.

 

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله - في فتوى مشابهة:

 

الأضحية سنة من السنن التي شرعها رسول الله ﷺ ليوسع الناس على أنفسهم وليوسعوا على أحبابهم وجيرانهم، وليوسعوا على فقراء المسلمين. ولكن لا ينبغي للمسلم أن يكلف نفسه أو يضيق على نفسه ويستدين لذلك، فهذه الأضحية ليست فرضًا ولو كانت فرضًا فستكون على من استطاعها، لأن الله تعالى لا يكلف الناس ما لا يطيقون، إن الله يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ [التغابن: 16]، والنبي ﷺ يقول: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم".

 

فلا يجوز للمسلم أن يتكلف بحيث يستدين من غيره حتى يظهر بمظهر اليسار، في الغالب هذا يدخل فيه نوع من الرياء الاجتماعي ومسايرة العادات التي جرت في المجتمع، وأحيانًا يصبح الناس عبيدًا لها، ولا ينبغي للناس أن يكونوا أسرى العادات، ولو كانت هذه العادات مخالفة للشرع؛ فالشرع لا يجيز للإنسان أن يضيق على نفسه فيما وسّع الله عليه، وأن يلزم نفسه فيما لم يلزمه الله به.

 

والله تعالى أعلى وأعلم