جارنا تحرش بطفلتي ويهددني.. فماذا أفعل؟!

<p>د.أميمة،</p> <p>&nbsp;</p> <p>سلام الله عليك ورحمته وبركاته،</p> <p>أنا أم لطفلة تبلغ من العمر أربع سنوات، تعرضت لموقف مؤلم جدًا. اكتشفت مؤخرًا أن جارنا الذي كنا نأتمنه قد تحرش بطفلتي الصغيرة مستغلًّا براءتها وضعفها. الطفلة بدأت تتصرف بطريقة غريبة، وعندما جلست بهدوء وتحاورت معها بأسلوب لطيف، أخبرتني بما حدث.</p> <p>الأمر الذي زاد مأساتي عندما واجهت ذلك الجار أنه هددني بأذى شديد إن حاولت الإفصاح أو اتخاذ أي إجراء ضده.</p> <p>&nbsp;</p> <p>أنا الآن في حالة نفسية يرثى لها، ممزقة بين خوفي على ابنتي ومستقبلها، وبين خوفي من تهديداته، وخاصة أن زوجي مسافر.</p> <p>لا أعرف كيف أتصرف! هل أكتم الأمر حفاظًا على سلامتنا؟ أم أطلب المساعدة مهما كانت العواقب؟ وكيف أتعامل مع طفلتي نفسيًّا وعاطفيًّا لتجاوز هذه المحنة؟</p> <p>أرجوكي ساعديني، فأنا لا أنام الليل، وأبكي بلا توقف. أرشديني ودليني على الطريق الصحيح.</p> <p>جزاك الله خيرًا.<br /> &nbsp;</p>

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

لا حول ولا قوة إلا بالله!

 

أشعر بوجع قلبك يا غالية، وأحتوي مشاعرك بكل احترام وأمومة، وأسأل الله أن يربط على قلبك، ويحمي ابنتك، وينصركم نصرًا مبينًا.

 

بادئ ذي بدء، أطمئنك بأن رد فعلك الطبيعي من قلق وخوف وحزن هو استجابة نفسية طبيعية لما حدث، وهو ما يسميه علماء النفس التربوي "الصدمة العاطفية للأمهات" (Maternal Emotional Trauma)، ولكن علينا ألا نستسلم للانهيار، بل نحوله إلى قوة عمل إيجابية لحماية الطفلة واسترداد حقها.

 

وسوف أفند لك المسألة خطوة خطوة بمسار عملي واضح ومطمئن إن شاء الله تعالى:

 

أولًا: لا بد من التدخل القانوني الآمن..

 

فلا يصح شرعًا ولا عقلًا السكوت عن هذا الجرم العظيم؛ لأن التهديد الذي تواجهينه ينبغي ألا يشل حركتك؛ والسكوت سيُشجّع المجرم على تكرار الجريمة مع غيركم.

 

عليك فورًا -وبدون مواجهة مباشرة معه- التوجه إلى جهة رسمية موثوقة (مثل الشرطة أو حماية الطفل) وتقديم بلاغ رسمي، موثقة بما استطعت من أدلة أو شهادات أو ملاحظات عن سلوك الطفلة.

 

فمن المفترض أن القانون يحمي الضحية والشاكي معًا، ويوجد الآن برامج حماية مفعلة لحماية الطفل تعرف باسم "Child Protection Programs".

 

ثانيًا: من الضرورى سرعة التوجه لطبيب أطفال للكشف على طفلتك لاستخدام الدواء اللازم إن لزم لها ذلك، كذلك ضرورة التدخل النفسي العلاجي، فطفلتك تحتاج الآن إلى علاج نفسي تربوي تخصصي مبكر، لتقليل أثر الصدمة عليها.. وذلك بالآتي:

 

١- أشعريها بالأمان الكامل.. قولي لها بصوت حنون: "أنا هنا، وأنتِ في أمان معي، ولن أسمح لأحد أن يؤذيكِ مرة أخرى بإذن الله".

 

٢- لا تكرري أسئلتها عن تفاصيل الحادثة؛ فالإلحاح قد يزيد صدمتها النفسية.

 

٣- اجعلي حديثك معها يعتمد على العلاج باللعب أو الـ(Play Therapy)، وهو أسلوب معتمد عالميًّا لعلاج صدمات الأطفال.

 

وقد تحتاج إلى دعم نفسي من مختص/ة معتمد في علاج صدمات الأطفال (Certified Child Trauma Therapist).

 

ثالثًا: ضرورة الدعم الروحي والديني..

 

أكثري من قراءة القرآن الكريم مع طفلتك، وتعليمها أدعية الاستعاذة والحفظ، مثل: "بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم".

 

واعلمي يا عزيزتي الأم المكلومة، أن الله جل وعلا عادلٌ منتقمٌ من الظالمين، قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}.

 

تقربي إلى الله بالدعاء، واستودعي ابنتك أمانته، وثقي أن الله سيحميها ويجبر قلبها.

 

رابعًا: إليك أيضًا خطوات عملية يُفضل أن تتبعيها..

 

١- إعلام خال الطفلة أو عمها إذا كان الأب مسافرًا، أو أي قريب موثوق فيه وقوي من العائلة لدعمك ومساندتك.

 

٢- عدم السماح للطفلة بالاختلاط بالجيران أو التواجد في أماكن خطرة مستقبلًا.

 

٣- متابعة الطفلة نفسيًّا وسلوكيًّا باستمرار دون إظهار القلق المفرط أمامها.

 

* وهمسة أخيرة لك حبيبتي:

 

أقول لك بحب: إنكِ لستِ وحدكِ في هذا الطريق، وكل خطوة شجاعة منك اليوم، ستكون طوق نجاة لطفلتك ولكثير من الأطفال الآخرين.

 

أنتِ أم عظيمة لأنك لم تصمتي داخليًّا عن الظلم. والله معك، يقوّيكِ ويسددكِ.

 

وكلما شعرتِ بالخوف، تذكري قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}.

 

أنا هنا لأي دعم تحتاجينه، وأوصيك بالهدوء ورباطة الجأش، والتحرك بحكمة وشجاعة.

 

حفظ الله صغيرتك، وربط على قلبك، وأراكِ النصر والفرج القريب.