الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

 

فإن الطهارة أُم العبادات، وهي كما وصفها نبينا صلى الله عليه وسلم قرينة الإيمان، حيث جاء عنه عليه الصلاة والسلام "الطهور شطر الإيمان".

 

ولقد كّرم الله تعالى الإنسان المسلم بأن جعله طاهر حال حياته ومماته، وهذا ما أكده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "إن المؤمن لا ينجس".

 

هذا؛ وقد كانت الطهارة مدخلاً لحب الله تعالى للمسلم، فقد جاء في الكتاب العزيز: (ۚإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).

 

وقد اقتضت رحمة الله تعالى أن يكون محبًّا للمسلم المتطهر حال حياته وبعد مماته، حيث شرع سبحانه وتعالى أحكام غسل الميت، وجعل غسله فرض كفاية، إذا فعله بعض المسلمين سقط عنهم، وإن لم يفعله أحد منهم أثم جميعهم.

 

ويستدل على وجوب غسل الميت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في شأن الرجل الذي داسته دابته فمات: "اغسلوه بماء وسدر".

 

وحتى نستطيع الإجابة على السؤال الذي وردنا فلا بد من بيان فرائض غسل الميت وسننه على النحو التالي:

 

أولا: فرائض غسل الميت:

 

1. النية: وصورتها أن يقول الغاسل: "نويت غسل هذا الميت".

 

2. تعميم كل جسد الميت بالماء؛ أي صب الماء على كل جسده

 

ثانيًا: سنن غسل الميت:

 

1. إزالة النجاسات عن بدنه إن وجدت.

 

2. وضعه على شيء مرتفع - كطاولة أو شبهها –.

 

3. أن يجلسه الغاسل بحيث يكون رأسه مائلاً إلى الوراء قليلاً، ثم يمسكه بيده اليمنى، ويلف يده بخرقة أو قفاز، ثم يدلك بها بطنه مع الضغط عليه ليخرج ما فيه من الفضلات.

 

4. غسل فم الميت ورأسه، ثم يوضئه وضوء الحي.

 

5. غسل شقه الأيمن (من جهة صدره وبطنه ورجله اليمنى) ثم شقه الأيسر، وكذلك غسل قفاه الجهة اليمنى ثم اليسرى.

 

6. تكرار الغسل المذكور ثلاث مرات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن كن يغسلن إحدى بناته المتوفيات: "اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر إن رأيتن ذلك، واجعلن في الآخرة كافورًا أو شيئًا من كافور". والكافور هو زهر طلع النخل، وهو طيب الرائحة.

 

وبالعودة إلى السؤال الوارد فإنه يتبين لنا من خلال استعراض فروض غسل الميت وسننه أنه لا يجوز للغاسل إدخال يده في دبر الميت، خصوصا أن إخراج الفضلات من بطن الميت هو سنة يصح غسله بدونها، ثم إن هذا الفعل فيه إهانة للميت، ويتنافى مع تكريم الله للإنسان حيًّا وميتًا.

 

والله أعلى وأعلم