حكم أداء العمرة عن الصحيح القادر

<p>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل تصح العمرة عن الصحيح القادر، أم أن هذا خاص بالمتوفى أو العاجز؟</p>

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

 

فالعمرة والحج تجوز الإنابة فيهما للمتوفى، أو الحي العاجز عن الأداء، حيث إن الإنابة في العبادات ليست مطلقة، وإنما تصح عند عدم القدرة، ولو أتيحت الإنابة في العبادات بغير عذر لتعطلت كثير من العبادات.

 

وهناك رواية عن الإمام أحمد بجواز الإنابة في العمرة لم يرجحها أحد من المعاصرين.

 

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

 

"تَوَسُّعُ الناسِ في الاستنابة في الحج أمرٌ يؤسف له في الواقع، وقد يكون غير صحيح شرعًا، وذلك لأن الاستنابة في النفل في جوازها روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله، رواية: أن الإنسان لا يجوز أن ينيب عنه أحدًا في النفل ليحج عنه أو يعتمر عنه، سواء كان مريضًا، أو صحيحًا، وما أجدر هذه الرواية بالصحة والقوة، لأن العبادات يطلب من المكلف أن يقوم بها بنفسه، حتى يحصل له من العبادة والتذلل لله ما يحصل، وأنت ترى الفرق بين إنسان يحج بنفسه، وإنسان يعطي دراهم ليحج عنه. الثاني ليس له فضل من العبادة في إصلاح قلبه وتذللـه لله عز وجل، وكأنه عقد صفقة بيع، وَكَّلَ فيها مَنْ يشترى له أو يبيع له.

 

وإذا كان مريضًا وأراد أن يستنيب في النفل، فيقال: هذا لم تأت به السنة، وإنما جاءت السنة في الاستنابة في الفرض فقط، والفرق بين الفرض والنفل أن الفرض أمر لازم على الإنسان، فإذا لم يستطعه وَكَّلَ مَنْ يحج عنه ويعتمر، لكن النفل ليس بواجب، فيقال: ما دمت مريضًا وأديت الفريضة فاحمد الله على ذلك، وابذل المال الذي تريد أن تعطيه من يحج عنك أو يعتمر في مصارف أخرى، أَعِنْ إنسانًا فقيرًا لم يحج الفرض بهذا المال، فهو خير لك من أن تقول: خذ هذا حج عني، ولو كنت مريضًا.

 

أما الفرض فالناس والحمد لله لم يتهاونوا فيه، لا تكاد تجد أحدًا يوكل عنه من يحج فريضة إلا وهو غير قادر، وهذا جاءت به السنة، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده بالحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: (نعم) .

 

والخلاصة: أن الاستنابة في النفل فيها روايتان عن الإمام أحمد: إحداهما: أنها لا تصح الاستنابة، والرواية الثانية: أنها تصح الاستنابة من القادر وغير القادر، والأقرب للصواب بلا شك عندي أن الاستنابة في النفل لا تصح لا للعاجز ولا للقادر. وأما الفريضة للعاجز الذي لا يرجو زوال عجزه فقد جاءت بها السنة". انتهى .

 

والله تعالى أعلى وأعلم