<p>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حقيقة أشعر في حيرة في التعامل مع طفلي، فهو يرفض الذهاب إلى الروضة دون أن أكون معه وأجلس بجواره في الصف، وبمجرد أن أغادر يبكي، ولا يسكت إلا إن رجعت وجلست معه، حاولت معه كثيرًا بوسائل مختلفة من بينها أن تسمح له المعلمة بالاتصال بي وقت ما شاء، وغير ذلك، أشعر أني متعبة ولا أعلم ماذا أفعل خاصة أن طفلي يشعر بالخوف كلما تذكر قصف المنزل ونحن بداخله بمدينة غزة، واستشهاد والده وجده وابن عمه.. أرجو مساعدتي ماذا أفعل؟</p>
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
أختي الفضلى، أسأل الله -تعالى- أن يعينك على هذه الأمانة، ويأخذ بيدك لكل خير، ويوفقك إلى طيب القول والعمل، إنه سميع مجيب الدعاء.
وأشكرك على ثقتك في موقع "استشارات"، أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يلهمنا الصواب في مساعدتك، إنه ولي التوفيق.
حقيقة، هنيئًا لك هذا الاصطفاء، والأجر العظيم، بأن تكون زوجة شهيد وراعية لطفلك اليتيم، فكم لك من الأجر الكبير بإذنه -تعالى-!
وتذكري أن كل هذا التعب الذي تشعرين به سيكون له خير كبير لك في الدنيا والأخرة؛ فالاحتساب والصبر أجره عظيم فالله –عز وجل- بجلال عظمته يبشرك حينما تتصفين بالصبر فقـد جـاء بقولـه تعالى: {...وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155]، وتيقني أنه -سبحانه وتعالى- سيكون معك كما وعد بقوله: {... إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال : 46].
هنيئًا لك هذه المعية بأن يكون الله -تعالى- معك، بمجرد هذا الشعور سيذهب كل التعب ويحل عوضًا عنه الرضا.
أختي الكريمة، كوني مطمئنة سيكون طفلك بخير، فهو ما زال طفل صغير، وهذا شعور طبيعي بالبكاء، ورغبته بالبقاء معك، خاصة أنه ما زال صغيرًا، فكيف إن كان قصف البيت على رأسه واستشهد والده وجده وابن عمه؟!
هو يشعر بالخوف، أن يفقدك كما فقد والده، وبوجودك معه يشعر بالأمان فكوني مطمئنة بأن الأمور ستكون بخير شيئًا شيئًا.
قبل كل شيء عليك الاستعانة بالله -تعالى- والإكثار من الدعاء، فالدعاء مفتاح الفرج.
لا بأس في الأيام الأولى الذهاب مع طفلك والجلوس معه في الروضة حتى يعتاد على المكان، ويتفاعل أكثر مع معلمته وزملائه الذين هم بمثل سنه.
فلا تجعليه وحده مرة واحدة بل بالتدريج مثل عملية الفطام السليمة التي تتم شيئًا فشيئًا، وبعد ذلك اكتفي بتوصيله للروضة دون الجلوس معه في الصف، ولا بأس بانتظاره في الساحة في الأيام الأولى، والمغادرة معه بعد انتهاء الدوام.
بعد ذلك اكتفي بالتوصيل بالذهاب والمغادرة دون البقاء في الروضة.
تحدثي معه وأشعريه بالأمان، وضعيه أثناء ذلك في حضنك حتى يشعر بالهدوء ودفء الأمان.
أخبريه أنك تنتظرينه بشوق كبير عند عودته من الروضة، وأنك ستعدين له الطعام الذي يحبه.
ولا بأس بأن تقدمي له بين فترة وأخرى بعض الهدايا التشجيعية.
وأخبريه بأن زملاءه الأطفال يذهبون إلى الروضة دون بكاء أو تواجد أمهاتهم معهم.
حاولي قدر الإمكان أن تحتفظي بقدر كبير من الهدوء عند التعامل معه فهو ما زال صغيرًا، وما زال لا يفهم كل شيء من حوله.
لا تنسي الحديث مع معلمته بالظرف الذي مر به حتى تكون على علم بالكيفية الصحيحة في التعامل معه وأن تكون هادئة معه، وتعمل على التعمد من الإكثار من مشاركته بالأنشطة التعليمية المختلفة.
وحينما يتواجد الأشخاص الذين يحبهم طفلك أخبريهم أمامهم بأن طفلك طفل جميل يذهب إلى الروضة ويحب الذهاب إليها بدون بكاء.
وبإذن الله -تعالى- الأمور ستكون بخير ويعتاد طفلك الذهاب إلى الروضة بكثير من الحب.
أختي الفضلى، أنت أيضا بحاجة أن تخففي عن نفسك، ولا ترهقي نفسك كثيرًا فتيقني بالله -تعالى- ورحمته وفضله أن الأمور ستكون بخير.
شعورك بالتعب أمر طبيعي في هذه المرحلة وسيعينك الله -تعالى- على تجاوزها بخير، فكوني مطمئنة فلا ترهقي نفسك بالتفكير؛ فالله ولي التدبير، وتيقني أنه -سبحانه وتعالى- من المحال أن يحملك فوق طاقتك.
حاولي أت تخففي عن نفسك بعمل أشياء تحبينها ذلك سيشعرك بالنشاط، وكل ذلك له انعكاس إيجابي في التعامل مع طفلك في كل المراحل المقبلة.
والله ولي التوفيق