<p>السلام عليكم، زوجي رجل بخيل هذه اسوء صفاته يكون جيد جدا فإذا جاءت سيرة المال يتحول.. المشكلة أنه ازداد بخلا في رمضان ويضيق علينا في المصروفات جدا ويرفض شراء الحلوى والعصائر ويرى أن ذلك تبذير وان رمضان شهر للعبادة فقط واولادي يشعرون بالنقص فكل من حولهم من أقارب وجيران لا يعيشون هكذا وأهله وأخواته هو أيضا يوسعون على أنفسهم وأولادهم في رمضان.. ماذا أفعل مع هذا الرجل؟</p>
ابنتي الغالية، أهلاً وسهلاً ومرحبا بك على الشبكة الإلكترونية للاستشارات..
ابنتي قرأت رسالتك أكثر من مرة وشعرت بمدى الصدمة التي تعرضت لها والتي لم تكوني تتوقعينها على الإطلاق، فبعد زواج دام ثلاثين عامًا تكتشفين أن هناك تواصلاً بين والدك وبين من تزعم أنها حبيبته القديمة، فلا شك أن الأمر كان موجعًا بقدر ما كان صادمًا بقدر ما كان مربكًا لك.
وأنت تتساءلين ما الذي يمكنني فعله؟ هل أخبر أمي؟ لكنها مريضة وقد يؤثر مثل هذا الخبر على صحتها الجسدية والنفسية. هل أخفي الأمر عن أمي؟ لكنها ستعيش كـــ "المغفلين" كما تصفين في رسالتك وكما تتمني ألا تعيشي في دور المرأة المغفلة، فأنت أيضا تتمنين ألا تعيش أمك الدور ذاته.. لذلك خيرًا فعلت بالاستشارة وإن شاء الله تجدين إجابة تريح قلبك وعقلك.
تفكيك المشكلة
ابنتي الحبيبة هناك ثلاثة اطراف أساسية في هذه المشكلة هم: أنت ووالدك ووالدتك.
فما رأيك في الحديث عنك كابنة ناضجة لديها قدر لا بأس به من الخبرات الحياتية ولا تتعامل في الحياة بمنطق الأبيض والأسود فقط.. نحن بشر يا ابنتي أي أننا خطائون أسرى تجاربنا الصغيرة، ووالدك بشر يا ابنتي.. بشر يخطئ ويصيب.. بشر له تجربته التي لا تعلمين عنها شيئًا.. حتى علاقته بوالدتك أنت لا تعرفين الكثير عن تفاصيلها.. الشئ المؤكد أنه والدك وله الحق في التعامل الراقي منك.. التعامل بإحسان الذي وصانا به ولم يجعله رهنًا على حسن سلوك الوالد معنا أو مع من نحب حتى لو كانت والدتها.
هذه القصة يجب أن تكون محسومة في ضميرك وتفكيرك، إنه أيًّا كان ما يربط والدك وأي امرأة أخرى، وأيًّا كان ما يغضبك ويحبطك منه فإنه يبقى الوالد صاحب المكانة العالية والذي ينبغي أن يتم التعامل معه بأعلى درجات حسن الخلق.
ابنتي الحبيبة، هذه المشكلة ليست مشكلتك ولست طرفًا فيها.. قد تكونين شاهدة على أحد فصولها.. قد تكونين متأثرة بها حد الانفعال الغاضب، ولكنك لست طرفًا فيها ضعي هذا في اعتبارك.
الطرف الثاني هي والدتك المريضة، والسؤال الذي أود طرحه عليك: ما هي الفائدة التي ستعود عليها إن علمت بهذه المشكلة؟ دعك الآن من كونها مريضة وقد تتأثر جسديًّا ونفسيًّا إن علمت بهذا الأمر.. ودعينا نفترض جدلا أنها بكامل صحتها، فما القيمة التي ستضاف لحياتها بعد علمها؟
هذا سؤال مهم ومحوري ولا يمكن أن نتجاوزه يا غاليتي دون إجابة واضحة ومحددة منك.. ما الذي تهدفين إليه بإخبارها؟ ما الفائده التي ستعود على أمك يا ابنتي؟
ألا تعيش دور المرأة المغفلة.. فماذا عن دور المرأة المقهورة؟ وماذا عن دور المرأة الموجوعة؟ وماذا عن دور المرأة المحطمة؟ فما بالك وهي المرأة المريضة.. هل ستتحمل والدتك يا ابنتي كل هذا الضغوط؟ أجيبي نفسك قبل أن تتهوري بإخبارها عن هذا الأمر.
ثم أريدك أن تسألي نفسك سؤالاً آخر مرتبطًا بكل ما سبق ألا وهو: هل لديك دافع ذاتي وراء تلك الرغبة؟ وقبل أن تجيبي بالنفي أريدك أن تفكري بعمق، هل رأيت صورتك في صورة والدتك؟ فرأيت نفسك في صورة المرأة التي تعرضت للخيانة أو تعرضت للاستغفال فشعرت بالاحتراق الداخلي وانعكس ذلك كله تجاه الوالدة؟ أريدك أن تجيبي نفسك أيضًا.
يبقى الطرف الثالث والدك أيتها الابنة الكريمة والذي أخذ موقف الصمت ولم يحك شيئًا عما يدور معه، وأظن عليك احترام هذا الصمت، فأنت تعرفت على هذه القصة دون قصد أو تعمد ولقد كان والدك حريصًا على حذف كل المحادثات وأنت من سعيت للتواصل مع صاحبة الرقم وهو لم يعلق بأي شيء، لكن يبدو أنك قد قمت بمحاكمته وإدانته واعتبرت صمته قبولا بالاتهامات التي ألصقتها به!
أكاد أسمعك تتساءلين أو ليست هذه هي الحقيقة؟
الحقيقة يا ابنتي لا يعلمها إلا الله وحده، وكل منا يرى جزءًا صغيرًا من الحقيقة ويتصور أنه امتلك ناصيتها.. ليس معنى أن والدك تحدث مع هذه السيدة أنه رجل خائن، وليس معنى أن هذه السيدة تعرف عنكم بعض المعلومات أن هناك علاقة عميقة تربط بينهما.. ليس هناك دليل إدانة حتى تقومي بعمل محكمة ليست من اختصاصك، هل تفهمينني؟
أنت وقلبك
ابنتي الحبيبة، أنت لست بحاجة لمواجهة والدك ولست بحاجة لتتبع أخباره ولست بحاجة لمزيد من المعلومات عن هذه السيدة، وبالتأكيد لست بحاجة لإخبار والدتك.. أنت بحاجة أن يطمئن قلبك.. بحاجة لطمأنينة عميقة لن يحققها لك إلا قربك من خالقك الذي خلق النفس البشرية بكل تعقيداتها {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}، فاقتربي منه غاليتي ونحن في هذه الأيام المباركة واسأليه أن يطمئن قلبك ويرضي فؤادك ويكتب الخير لعائلتك، فتوكلي عليه حق توكله، وأغلقي هذه الصفحة كأنك لم تري هذه المحادثة من قبل، وتعاملي بشكل طبيعي وعفوي مع والديك ولا تستبقي أي أحداث.
ونصيحتي الأخيرة التي أهمس بها في أذنك:
كوني قريبة من والدتك بشكل إيجابي واصحبيها للطبيب وساعديها للحفاظ على صحتها، وأن يكون لها نمط حياة صحي متكامل يساعدها في الاهتمام بكافة شئون حياتها.. دعميها في إدارة المنزل وامنحيها الوقت الكافي للراحة والاستجمام، واطرحي عليها بعض الأفكار غير التقليدية التي قد تعيد الدفء لعلاقتها بالوالد كالذهاب معًا في رحلة قصيرة مثلا.. تحدثي معها بلطف ورقة ودعابة عن أهمية ذلك، وإياك إياك من التلميح المستتر لها بشيء.. دعيها هي تأخذ زمام المبادرة في حياتها، وكوني أنت أقرب داعميها الحقيقيين دون أي وصاية عليها.
أسعد الله قلبك وقلب عائلتك، وتابعيني بتفاصيل ما يحدث، واقرئي ردي أكثر من مرة ولو أن هناك أمرًا غير واضح فاسألي مرة أخرى.