بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

اتفق جمهور الفقهاء على أنه لا زكاة على الجنين في بطن أمه، ولم يخالف في ذلك إلا ابن حزم ـ رحمه الله ـ حيث يرى أن الجنين إذا بلغ مائة وعشرين يومًا قبل فجر يوم الفطر وجبت على وليه زكاة الفطر، ويستدل على ذلك بقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير، نصف صاع من بر أو صاعًا من تمر أو شعير"، والصغير ـ من وجهة نظر ابن حزم ـ يشمل الجنين.

 

وهو تأويل بعيد انفرد به ابن حزم ـ رحمه الله ـ وقد يكون مقبولاً إخراج الزكاة عن الجنين من باب التطوع لا الوجوب.

 

أما زكاة المولود الذي يولد ليلة العيد ففيه خلاف بين الفقهاء، وأساس هذا الاختلاف مبني على اختلافهم في وقت الوجوب .

 

وقد ذهب الحنفية إلى أن وقت وجوب زكاة الفطر طلوع فجر يوم العيد، وهو أحد قولين للمالكية، واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري بسنده عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة".

 

وذهب الشافعية والحنابلة، إلى أن الوجوب هو بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أحد قولين للمالكية، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".

 

ويظهر أثر الخلاف فيما يلي:

 

1- من مات بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان: فعند الشافعية ومن وافقهم تخرج عنه صدقة الفطر؛ لأنه كان موجودًا وقت وجوبها، وعند الحنفية ومن وافقهم لا تخرج عنه صدقة الفطر لأنه لم يكن موجودًا.

 

2- من ولد بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان تخرج عنه صدقة الفطر عند الحنفية ومن وافقهم؛ لأنه وقت وجوبها كان موجودًا، ولا تخرج عنه الصدقة عند الشافعية ومن وافقهم؛ لأنه كان جنينًا في بطن أمه وقت وجوبها.

 

3- من أسلم بعد غروب الشمس من آخر يوم من رمضان، لا تخرج عنه الصدقة عند الشافعية ومن وافقهم؛ لأنه وقت وجوبها لم يكن أهلاً حيث لا تقبل الزكاة من غير مسلم، وعند الحنفية ومن وافقهم تخرج عنه صدقة الفطر؛ لأنه وقت وجوبها كان أهلاً، حيث إنه كان مسلمًا مخاطبا بفروع الشريعة وأحكامها. (يراجع للتفصيل الموسوعة الفقهية الكويتية مادة زكاة الفطر).

 

وما نرجحه للفتوى أن المولود إن ولد ليلة العيد قبل الصلاة فتجب على وليه زكاة فطر عنه، لأن وقت الوجوب ممتد عند جمهور الفقهاء حتى صلاة العيد، وما دام قد ولد قبل صلاة العيد فعليه زكاة.

 

والله تعالى أعلى وأعلم