<p>هل من حل فقهي قاطع يمنع هذا التفرق بين الدول الإسلامية في بداية الشهر ونهايته، أم أن هذا مظهر من مظاهر تفرق الأمة وتشرذمها؟</p>
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه، وبعد:
فاختلاف المطالع قضية قديمة جديدة، ولم يُحسم فيها الخلاف لا قديمًا ولا حديثًا، وليست هي العقبة الوحيدة في اختلاف الأمة وضعفها، فقد اجتمعت الأمم رغم اختلاف عقائدها ودياناتها، ويمكن للأمة لو أرادت أن تتوحد حتى لو لم تحسم مسألة اختلاف المطالع، وإن لم نستطع أن نحصل على هذا الاتفاق والتوافق على مستوى العالم الإسلامي -وهو مطلبنا جميعًا- فعلى الأقل أن نحصل عليه داخل القطر الواحد.
يقول فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي –رحمه الله– تحت عنوان "حقائق ينبغي أن يتفق عليها" في كتابه "فقه الصيام":
الأولى: أن في هذا الأمر ـ أعني ما يتعلق بإثبات دخول الشهر ـ سعة ومرونة بالنظر إلى نصوص الشرع، وأحكامه، واختلاف العلماء في هذا المقام توسعة ورحمة للأمة. فمَنْ أثبتَ دخول الشهر بعدل أو عدلين، أو اشترط جمًّا غفيرًا لم يبعد عما قال به بعض فقهاء الأمة المعتبرين، بل مَنْ قال بالحساب وجد له في السلف قائلاً، منذ عهد التابعين فمَنْ بعدهم.
الثانية: أن الخطأ في مثل هذه الأمور مغتفر، فلو أخطأ الشاهد الذي شهد بأنه رأى هلال رمضان، أو شوال، وترتب عليه أن صام الناس يومًا من شعبان أو أفطروا يومًا من رمضان، فإن الله تعالى أهلٌ لأن يغفر لهم خطأهم، وقد علمهم أن يدعوا فيقولوا: (ربنا لا تُؤاخِذْنا إن نَسِينا أو أخطأنا) [البقرة : 286].
الثالثة: أن السعي إلى وحدة المسلمين في صيامهم وفطرهم، وسائر شعائرهم وشرائعهم، أمرٌ مطلوب دائمًا، ولا ينبغي اليأس من الوصول إليه، ولا من إزالة العوائق دونه، ولكن الذي يجب تأكيده وعدم التفريط فيه بحال، هو: أننا إذا لم نصل إلى الوحدة الكلية العامة بين أقطار المسلمين في أنحاء العالم، فعلى الأقل يجب أن نحرص على الوحدة الجزئية الخاصة بين أبناء الإسلام في القطر الواحد.
والله تعالى أعلى وأعلم