طليقي يرفض الإنفاق على أولاده.. فماذا أفعل؟

<p>السلام عليكم ورحمه الله وبركاته لو سمحت عندي مشكله وعايزه حل لان اعصابي تعبت وقلبي وجعني اوي ع اولادي دلوقت انا منفصله عن باباهم واتجوزت تاني ابوهم من يوم ماتطلق مش عايز يصرف جنيه عليهم وانا الي بصرف عليهم بقالي سنتين بس دلوقت حاليا ورثي كله راح عليهم وجبت قروض وبقا عليا ديون ومعتش عارفه اعمل ليهم حاجه جوزي الي معايا بيقولي ابوهم يصرف عليهم هو اولي بيهم محدش رضي يساعدني ولا يقف جنبي من اهلي ولا جوزي التاني كله بيقولي ابوهم يصرف عليهم مش عارفه اعمل ليهم اي نفسي اعملهم كل حاجه بس والله صرفت كل فلوسي ودهبي عليهم واولادي عايزين بيقولي ملناش فيه ابني12سنه وبتتي7سنين اعمل ايه قولي اطلق واشتغل واصرف عليهم وانا كمان حمل الوقت ولا ابعتهم لابوهم زي مابيقول ابعتي اولادي وانا اصرف عليهم بس مش قادره ابعد عنهم عملت كل حاجه عشان يبقوا معايا بس حاليا معتش عارفه اعمل ايه اعمل ايه</p>

بعد الحمد لله رب العالمين، القائل في محكم كتابه في سورة البقرة: {وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين والقائل في حديثه الشريف: "كَفى بِالمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يملِكُ قُوتَهُ" (رواه مسلم).. فأهلا ومرحبا بكِ أختي في أسرتنا المرحبة بكِ على الدوام، قلبي معكِ وأقدر تماما الوضع الذي تمرين به من معاناة وألم وحيرة، واعلمي اختي أنك مأجورة بإذن الله على سعيك وإنفاقك على أولادك مما ورطك في الديون حد العجز، أقول وبالله التوفيق:

 

- إن الله عز وجل قد جعل الطلاق والفصام حلا حين تستحيل الحياة الزوجية وتصير وبالاً على أفرادها من زوجة وأبناء وكذلك الزوج، وهو بتر، والطبيب لا يلجأ للبتر إلا حين يفسد العضو ويصير خطرًا على سائر الجسد، وقد أسماه النبي صلى الله عليه وسلم: كسرًا، فقد ورد عنه فيما رواه البخاري: (استوصُوا بالنِّساءِ خيرًا، فإنَّهنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعوجَ شيءٍ في الضِّلع أعلاه، فإنْ ذَهبتَ تُقِيمه كَسَرْتَه، وإنْ تركْتَه لم يزلْ أعوج، فاستوصُوا بالنِّساء خيرًا).

 

وهو دائما الخطوة الأخيرة في طريق حل طويل، إن لم تؤتِ الحلول المطروحة أكلها، فحين تحدث المشكلة القاصمة، يجب على الزوجين فورًا أن يفكرا كأبوين، وليس كطرفين متخاصمين، يفكرا معًا في مصير الأبناء، الأفراخ الصغيرة التي سوف تواجه الحياة منفردة وهي لا تقدر على مواجهة نسمات الحياة بعد، فماذا عن عواصفها؟ عليهم أن يتفقا إذا لم يكن هناك بد على رعاية نسلهما، وغرسهما، وثمرتهما معا، فليس لتلك الثمرة ذنب في ضعف الجذور التي حملتها، عليهما أن يحترما المواثيق التي وضعها الله بينهما، فمن مقاصد الزواج، زيادة نسل المسلمين، وليس زيادة نسل الشوارع، وزيادة عدد الجائعين والمشردين.

 

الطلاق نتيجته انفصام البيت، زواج الأب من زوجة أخرى، وزواج الأم من رجل آخر، حقها، وحقه، لكن أين حق هؤلاء الأبناء الذين كانوا فرحة البيت يومًا مع ميلاد كل طفل منهما؟ فهذا الطفل الذي كان يوما فرحة أبيه، وتلك الطفلة التي كانت يومًا قرة عين أمها، أين موقعهما الآن؟ كيف استطاع النزاع بينكما أن ينسيكما تلك الفرحة، وتلك اللهفة الأبوية عليهما؟

 

- فماذا بعد أن وقع المحظور، وانشق القلب الواحد فصار قلبين متنازعين، وصار الأبناء فلذات الأكباد عبئا على الطرفين؟

 

أنتِ لم تقصري؟ أنفقت عليهما ما تملكين من ميراث، وممتلكاتك الخاصة، ثم ها هو زوجك الثاني يرفض الإنفاق عليهما، لأن لهما أبا هو أولى بالإنفاق عليهما، والرجل معه حق، وقد كان يجب أن تدركي تلك الحقيقة قبل النزاع الذي ادى لفراقك أنتِ وزوجك الأول، فطالما كان أبوهما حيًّا، فسوف تكون نفقتهما ثقيلة على أي رجل آخر، فالواجب عليك رعايتهما، والواجب على أبيهما الإنفاق عليهما.

 

- بالنسبة للأب هو يضغط عليكِ لتقبلي بالتنازل عن الأبناء لينفق عليهما، فلن ينفق وهما مع زوجك، ورأيي أن ذلك نوع من العناد والكيد والتنكيل يقوم به انتقامًا منكِ لزواجك؛ ففي الحقيقة هو لو كان يريد رعايتهما حقًّا، لكان قد فكّر طويلا قبل الطلاق، وسعى أكثر بعده لعودتكما حرصًا على مستقبل الأبناء، ولأنك لم تذكري تفاصيل نبني عليها شخصيته، فسوف نحكم بظاهر الأمر، هناك عدة خطوات للضغط عليه ليقوم بجانب جيد من الإنفاق على أبنائه؛ لأنني لا أعتقد أنه سوف يتولى هذا الجانب كاملا:

 

أولا/ الجانب القانوني:

 

- حضانة الأطفال الآن من حقك، أو من حق والدتك، وعليه هو النفقة، وبدعوى قانونية سوف تحصلين على نفقة لهما على قدر دخله بالمعروف، ابحثي عن محام جيد، ارفعي دعوى نفقة للأولاد، واجمعي كافة الأوراق اللازمة لإثبات نفقتك أنتِ على أولادك وسوف ينصحك بذلك المحامي في إجراءات الدعوى.

 

ثانيا/ الجانب المادي

 

- كونك امرأة كنتِ مطلقة يومًا، عليك أن تدركي أنه عليكِ البحث عن فرصة عمل جيدة من البيت، وتلك الفرص متوفرة اليوم بشكل كبير شرط تنمية مهاراتك الشخصية والخاصة، والبحث عن موهبة جيدة بداخلك مثل أعمال الكمبيوتر، أو أعمال الحياكة والتطريز، وكم من نساء كن لا يجدن قوت يومهن، وحين نمين مهاراتهن اليدوية أصبح لديهن مصانع صغيرة وعمال يعملون تحت قيادتهن، هي نماذج موجودة، الأمر شاق ومتعب ويحتاج لسهر وتعب ونصب، لكن من أجل أبنائك، ومن أجل نفسك يجب عليكِ التحمل والبذل، وعدم انتظار الفتات الذي سيرسله والدهم وتقرره المحكمة.

 

- الله عز وجل يقول في سورة الحج: {فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ}، والقرية قد تكون بيتًا، وقد يكون فردًا، وقد يكون مؤسسة، المال يعطل، يوضع في غير موضعه، ينفق ويهلك، ثم نبكي عليه بكاءً على لبن مسكوب، وقد كان حريا بك أن تضعي إرثك في أي تجارة تدر عليكِ ربحًا تنفقين منه، قمت بإنفاقه كاملا حتى انتهى، وهو حتما كان سينتهي طالما لم تقومي بتشغيله وإنمائه، لكننا نتعلم من الأحداث، الآن عليك البحث عن عمل منزلي والبدء من جديد على الفور إلى جانب الإجراءات القانونية.

 

- عليكِ البحث في محيطك عن جمعيات خيرية وهي موجودة في كافة الأنحاء، تستمدين منها العون ولو قليلا حتى يتسنى لكِ عمل جيد ودخل معقول.

 

- عليكِ البحث عن العقلاء في عائلة طليقك ومطالبتهم بالتدخل لديه قبل رفع الدعوى ليراعي أبناءه، وأنهم لا ذنب لهم فيما شجر بينكما من خلافات أدت للطلاق، عليه كأب أن يقوم بواجبه، ولا تمنعي أولادك من زيارة والدهم إن أراد رؤيتهم، بل أجبريه أن يراهم، ويتابع أحوالهم ولا تحرميه القيام بأبوته، فليس من المعقول أن تطلبي منه الإنفاق وهو محروم من رؤيتهم، اتركي له مساحة تحت رعاية الوسطاء أن يراهم ويقضي معهم الوقت ويطلبوا منه احتياجاتهم دون أن تطلبيها أنتِ، وطالما أنه طلب أن ترسليهم إليه لينفق عليهم، فهو لا يمانع نسبيًّا وإن كان في الأمر تعجيز وصعوبة عليكِ كأم، لكنه كأب من حقه أن يراهم ويقضي الوقت معهم تحت رعايتك أنتِ كأم، فهم في حقيقة الأمر أكثر حاجة إليكِ، لكن هذا لا يمنع أنهم في حاجة لأبيهم كذلك وبقوة.

 

استعيني بالله، وابدئي خطواتك العملية، فالأطفال لن يشبعهم الكلام الطيب والعاطفة الجياشة والدموع الحارة، عليك بالدعاء والثقة في الله أنه رازقك، {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ}، عليك بالحركة والسعي وهز النخلة كي تسقط عليكِ رطبا جنيًّا، أنتِ قوية بقدر ثقتك بالله، ففجري قوتك لتفيض على من حولك خيرًا كثيرًا.