<p>أنا بنت عندي 30 سنة مش متجوزة ولا بشتغل ولا في بركة في رزق ولا أي حاجة كل حاجة في حياتي لازم متكملش.</p> <p>اتخطبت 3 مرات وكل مره الفركشة بأسباب تافهة جدا.</p> <p>اشتغل كذا مره وكل مره بتحصل مشاكل بسيب الشغل.</p> <p>كنت دائما بحلم أحلام وحشة. روحت لكذا شيخ معالج بالقرآن قالوا إني مخطية سحر ومعرفش هل بقيت كويسة ولا لا.</p> <p>أنا تعبت من حياتي وأجمل سنين عمري ضاعت وبتضيع خايفة من اللي جاي ومليش معارف ولا صحاب.</p> <p>خايفة يعدي العمر ومتجوزش مش عارفه أعمل إيه.</p> <p>بصلي الحمد لله وقريبة من ربنا وبقرأ سورة البقرة يوميا.</p> <p><span dir="RTL">عاوزة حل يريح قلبي ويرزقني بزوج صالح. ادعوا لي.</span></p>
أختي الكريمة، مرحبًا بك، وأسأل الله أن يشرح صدرك ويزيل همك، ويرزقك ما يسعدك وما تقر به عينك، وبعد...
فإني أعلم أن ما تمرِّين به ليس سهلًا، وأشعر بما يحمله قلبك من هم وحزن، ولكنني –رغم ذلك- أريدك أن تطمئني، فالله -سبحانه وتعالى- معك، يرى ضعفك، ويسمع دعاءك، ويعلم ما في قلبك، أليس –سبحانه- القائل: (ولَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ ونَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ونَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ) [ق: 16].
فكوني -مبدئيًّا- على يقين بأن الله لن يخذلك أبدًا، بل ربما يكون ما تعتقدينه نقمة هو في الحقيقة رحمة مخبأة، تحتاج فقط إلى صبرٍ ورضا حتى تتكشف لك الحكمة.
وتعالي معي الآن نحاول فهم الأمور من منظور إيماننا بالله ويقيننا برحمته:
أولًا- لماذا لا تكتمل الأمور في حياتي؟
أحيانًا يمرُّ الإنسان بسلسلة من العثرات المتكررة في الزواج أو العمل أو غيره، فيظن أن هناك شيئًا خفيًّا يعطِّله، سواء كان سحرًا أو حسدًا. ولكن علينا أن نكون متوازنين في التفكير، فلا ننكر وجود السحر والحسد لأنهما حقيقيان، وقد ورد ذكرهما في القرآن والسنة، لكن لا نعلِّق كل شيء عليهما ونهمل الأسباب الأخرى التي ربما يكون تأثيرها أكبر، كنقص الخبرات المهنية والإنسانية، وعدم تطوير النفس ومهاراتها، على سبيل المثال.
وأيًّا كان السبب، فإن الحل يكمن في تحصين النفس، والتوكل على الله حق التوكل، والأخذ بأسباب التوفيق والنجاح. وأنتِ بفضل الله تقرئين سورة البقرة يوميًّا، وهذا من أقوى الأعمال التي تحمي من السحر والحسد، فقد قال النبي ﷺ: «اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ» والبطلة هم السحرة. [رواه مسلم].
فاستمري على ذلك، لكن لا تجعلي حياتك متوقفة على فكرة أنك مسحورة. فالسحر قد يزول ويبقى الأثر النفسي، لذا عليكِ التركيز على تجديد طاقتك النفسية والإيمانية، وتطوير نفسك، واكتساب الخبرات والمهارات المتنوعة، والثقة بأنكِ الآن بخير، وأن الله سيعوضكِ خيرًا.
ثانيًا- لماذا تأخَّر الزواج؟ وهل هناك أمل؟
أختي العزيزة، أعلم أن كل فتاة تتمنى أن تكون زوجة وأُمًّا، وتحلم ببيت دافئ يحتويها. وتأخر الزواج قد يكون فتنة واختبارًا من الله ليختبر يقينكِ وصبركِ. تأملي هذه الآية العظيمة: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا۟ شَيْـًۭٔا وَهُوَ خَيْرٌۭ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا۟ شَيْـًۭٔا وَهُوَ شَرٌّۭ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216].
كم من فتاة تزوجت في سن صغيرة، وظنت أنها وجدت السعادة، ثم اكتشفت أن زوجها ظالم أو حياتها معه تعيسة! وكم من فتاة انتظرت، ثم أكرمها الله برجل صالح جعلها تنسى كل لحظات الانتظار!
أنتِ لم تتأخري؛ فكل أمر مقدَّر عند الله بوقته وكيفيته، واستبشري بأن الله يحفظكِ للوقت المناسب، والرجل المناسب، الذي سيكون نعمة لكِ وليس بلاءً. وثقي بأن الدعاء والتوكل والعمل بالأسباب ستفتح لكِ الأبواب المغلقة.
ثالثًا- كيف أواجه الخوف من المستقبل؟
الخوف من المستقبل شعور طبيعي؛ لكن لا تجعليه يسرق منكِ الحاضر! فالمستقبل بيد الله، وهو أرحم بكِ من نفسكِ. قال النبي ﷺ: «لو أنَّكم كنتُم توَكلونَ علَى اللهِ حقَّ توَكلِه لرزقتُم كما يرزقُ الطَّيرُ تغدو خماصًا وتروحُ بطانًا» [رواه الترمذي].
لا تخافي من الغد، بل اطمئني بأن رزقكِ مكتوب، وزواجكِ مقدَّر، وكل ما عليكِ هو السعي بالدعاء والعمل والاجتهاد في الأسباب، مع حسن الظن بالله.
رابعًا- خطوات عملية لتغيير حالكِ:
1- التقرب إلى الله بعبادة التفاؤل واليقين:
لا تكرري في داخلكِ: «أنا تعيسة، أنا منحوسة»، بل قولي: «أنا مؤمنة بأن الله يدَّخر لي الخير». فالله –عز وجل- يقول في الحديث القدسي: «أنا عند ظنِّ عبدي بي فليظُنَّ بي ما شاء» [رواه أحمد].
2- استمرار الرقية الشرعية لكن بدون وسوسة:
* تحصَّني بأذكار الصباح والمساء، وأذكار الأحوال.
* حافظي على الصلوات في أوقاتها وبخشوع، وخصوصًا صلاة الفجر، ففيها بركة عظيمة.
* استمري على تلاوة سورة البقرة؛ لكن بنية القرب من الله وليس فقط لفك السحر.
3- الدعاء بيقين:
أكثري من الدعاء في أوقات الإجابة: بين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، وفي السجود، ويوم الجمعة. قولي: «اللهم ارزقني زوجًا صالحًا تقر به عيني، ويسكن به قلبي، ويسعدني ويسعد بي».
4- تغيير الروتين اليومي وفتح أبواب جديدة:
قد يكون عدم التوفيق في العمل فرصة خفية للنمو والتطور، فكل تجربة تمنحك درسًا جديدًا. حاولي اكتساب مهارات جديدة وتطوير قدراتك الحالية، فالسوق يتغير، ومن يواكب التغيير يفتح لنفسه أبواب النجاح. لا تكتفي بالمعرفة النظرية، بل انغمسي في التجربة، تعلَّمي من أخطائك، ووسّعي شبكتك الاجتماعية والمهنية. استثمري في نفسك، فحين تتقدمين بخطوة، يقترب منك النجاح بخطوتين.
كذلك، يعطيك العمل طاقة إيجابية، وقد يكون طريقًا للتعارف على أشخاص جدد، فلا تعزلي نفسكِ، وحاولي بناء صداقات وعلاقات جديدة، وفق القواعد الشرعية المعروفة.
5- حسن الظن بالله وانتظار الفرج برضا:
لا تجعلي الزواج هو هدف حياتك الوحيد؛ بل اشغلي نفسكِ بحياة مليئة بالإنجازات العملية والروحية. واعلمي أن كل يوم يمر وأنتِ قريبة من الله، هو يوم مليء بالبركة والخير.
وختامًا -أختي العزيزة- أعلم أنكِ مرهقة، وأن الانتظار صعب، ولكن ثقي بأن الله يَدَّخر لكِ الأجمل، حتى لو تأخر. لا تجعلي الحزن يسرق منكِ لحظات العمر الجميلة. ابتسمي، وأحسني الظن بالله، واستعدي للفرح، فوالله لن يخيِّبكِ الله أبدًا. (إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍۢ) [الزمر: 10].
أسأل الله أن يرزقكِ زوجًا صالحًا، وأن يملأ قلبكِ سكينة وسعادة، وأن يعوِّضكِ عن كل لحظة صبرتِ فيها بأجمل مما تتمنين، وتابعينا بأخبارك.