<p>نعيش بسورية بعد التحرير الكهرباء مقطوعة أكثر الوقت الماء مثلج الجو شديد البرودة لا يوجد وسائل للتدفئة الوضع سيء سمعت ان هناك فتوى تسمح لنا بالتيمم بدل الوضوء أو الغسل ماهي هذه الفتوة هل أتيمم أحيانا اضطر لترك الصلاة بسبب عدم قدرتي على الغسل بالماء شديد البرودة لو اغتسلت به سأموت أو سأمرض مرض شديد</p>
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد أجاز العلماء التيمم عند فقد الماء، أو العجز عن استعماله بسبب المرض أو البرد الشديد، وفي حالتكم هذه إن لم تستطيعوا تسخين الماء وكان من البرودة كما ذكرتم بحيث لا تطيقون استعماله، فيجوز لكم التيمم.
وشريعتنا الغراء جاءت باليسر دائمًا، خاصة في حالة المشقة؛ فالمشقة تجلب التيسير، وهي من أهم القواعد الفقهية الأساسية الكبرى.
وهذه القاعدة تؤيدها وتؤكدها الأدلة من القرآن الكريم والسنة المطهرة، فمن القرآن الكريم:
يقول الله تعالى: ﴿.... يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 185].
ويقول الله تعالى: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 7].
ويقول تعالى: ﴿.... مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6].
ومن السنة المطهرة
1- روى الشيخان عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولاتنفروا).
2- وروى الشيخان بسندهما عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه.
3- وروى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال وقف رسول الله في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه فجاء رجل فقال يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال اذبح ولا حرج، ثم جاءه رجل آخر فقال يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ فقال ارم ولا حرج. قال: فما سئل رسول الله عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج.
وقد بعث النبي – صلى الله عليه وسلم – عمرو بن العاص على سرية، وفي طريق العودة أصيب عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ بجنابة من أثر احتلام، فتيمم وصلّى بأصحابه، فلما قدموا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سألهم عن أحوالهم في سريتهم، فأخبروه بما كان من أمر عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ واحتلامه، وتيممه وصلاته من غير اغتسال، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: يا عمرو، صليتَ بأصحابك وأنت جُنب؟! قال: قلتُ: نعم يا رسول الله، إنِّي احتلمتُ في ليلةٍ باردةٍ شديدةِ البرد، فأشفقتُ إنِ اغتسلتُ أن أَهْلَكَ (أموت)، وذكرتُ قولَ الله ـ عزَّ وجلَّ ـ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء الآية: 29]، فتيمَّمتُ ثم صلَّيتُ، فضحكَ رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يَقُلْ شيئًا. (رواه أبو داود).
وقد استنبط العلماء من ضحك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إقراره لفعل عمرو ـ رضي الله عنه ـ: أن التيمم يقوم مقام الغسل بالنسبة للجنب مع وجود الماء إذا خشي أن يؤدي استخدام الماء إلى الضرر، فلقد تيمم عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ لما أصبح جنبًا مع وجود الماء معه وصلَّى بأصحابه، وأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم ينكر عليه ذلك الفعل.
وقد ذكر البخاري هذا الموقف في صحيحه وبوّب عليه في كتاب التيمم: "باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض، أو الموت، أو خاف العطش تيمم".
والله تعالى أعلى وأعلم