سئمت البخل.. وأريد تحسين معيشتي

<p>زهقت من البخل وعايزة أحسن عيشتي.. السلام عليكم دكتورة، أنا ست في ٣٠ من عمري، شغالة مدرسة ابتدائي، وجوزي بيشتغل في الخليج، ويبعتلي مصروف كل شهر. مشكلتي إني بحب الحياة الحلوة، بحب بيتي يكون شيك، ولبسي ولبس ولادي يكون أحسن، نفسي ولادي يدخلوا مدارس محترمة، بس جوزي مش مقتنع وبيقول إنه على قد حاله، ومش هيقدر يدفع أكتر من إمكانياته.</p> <p>أنا عارفة إنه حساس وكلام الناس بيوجعه، فبقيت أشتكي للجيران، مرة جارتي أم مروان قالت لي: &quot;يعني إزاي جوزك شغال بره... وبيتك كده؟ المفروض يكون عندك عفش محترم وتصبغي الحيطان المعفنة!&quot; الكلام ده ريحني، لأني حسيت إنه طالع من حد غيري، فاستغليت الفرصة واتصلت بجوزي وقلت له: &quot;أم مروان بقالها ساعة بتعيب على بيتنا، وفضلت تزنّ عليا لحد ما بكيت من الإحراج! الناس بقت تتكلم فينا، إنت يرضيك كده؟ لازم تشطب الشقة وتغير العفش حالا&quot;.</p> <p>جوزي اتجنن وزعل جدًا، وبدل ما يهتم بكلامي، قلب على أم مروان، وقعد يدعي عليها بالعمى، واتصل بجوزها وقال له: &quot;مراتك مالها ومال بيوت الناس؟ ليه بتدخل في اللي ميخصهاش؟!&quot; حصلت خناقة عندهم، وسمعت صوتهم عالي، وجوزها كان بيعنفها، ومن ساعتها هي بطلت تكلمني، وزعلانة مني، خصوصًا بعد ما جوزي قال لهم: &quot;مراتك خرابة بيوت، خليها بعيد عن مراتي&quot;.</p> <p>أنا دلوقتي حاسة بتأنيب ضمير رهيب! لأني كنت أذكى منها، وورطتها في الكلام عشان جوزي يقتنع، لكن في الآخر، ولا بيتي اتغير، ولا العفش اتجدد، ولا المصاريف زادت! أنا زهقت من جوزي البخيل، اللي مش بيصرف علينا غير بالقطّارة، وكل فلوسه بيحوشها لنفسه!</p> <p>سؤالي: 1. هل أنا كده ظلمت جارتي؟ حقيقي صعبانة عليا، ومقهورة عليها، لأن أصلًا ما كانش قصدها تخرب بيتي، وأنا اللي استخدمت كلامها لصالحي. 2. إزاي أخلي جوزي يفتح إيده شوية ويصرف علينا؟ أنا زهقت من العيشة دي، مش عايزة أعيش طول عمري كده! يا ريت تفيديني، أنا خلاص مش طايقة الحياة دي!</p>

أهلاً ومرحبًا بك غاليتي، وأسأل الله أن يرفع ما بك من غم وهم، ويصلح لك زوجك وبيتك وأمرك كله، أقول وبالله التوفيق:

 

قلبي عندك بقدر ما تشعرين من إحباط وخيبة أمل وضيق حال بسبب طباع زوجك (البخيل) بالرغم من أنه (موسر) ويعمل بالخليج كما تقولين (مع أن العمل بالخليج ليس شرطًا ليسر حال صاحبه)، ومن أنك تتطلعين إلى حياة أفضل لك ولأبنائك، وتلك فطرة إنسانية خلق الله عباده الأسوياء عليها، وهو حب التزين والتجديد والظهور بمظهر حسن أمام الناس، وقد ورد عن أبي الأحوص أن أباه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشعث سيئ الهيئة فقال له رسول الله ﷺ: "أما لك مال؟ قال: من كل المال قد آتاني الله عز وجل، فقال: فإن الله عز وجل إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن تُرى عليه" أخرجه أحمد والنسائي.

 

وأنت كما يبدو لم يطرأ على حياتك أي تغيير رغم سفر زوجك لدرجة أن الجيران والمقربين يطلبون منك بعض التغييرات في شقتك، ويبدو أن تلك التدخلات -التي أوجعتك نفسيًّا وتركت أثرًا سلبيًّا بينك وبين جارتك، والتي تتساءلين هل أخطأتِ في حقها أم لا- قد لاقت قبولاً واستحسانًا لديكِ ووافقت هواكِ.

 

- فهل ظلمتِ جارتكِ؟

 

نعم يا أختي العزيزة، أنتِ ظلمتِ جارتك، وتسببتِ في مشكلة بينها وبين زوجها، حتى لو قامت بالوقيعة بينك وبين زوجك ولو بحسن نية وحبًّا لكِ ورغبة في أن تكون حياتك بشكل أفضل، حتى لو كان استخدام كلماتها لدعم موقفك من زوجك، وإحراجًا له أمام الناس وهو أكثر ما يؤثر فيه كما فهمت، لكن في ذات الوقت تسببتِ في وضعها بموقف سيئ أمام زوجها وإهانتها بغير قصد، ولذلك فقد وجب عليكِ الاعتذار لها، ومحاولة ترضيتها لإصلاح الموقف بينكما.

 

- أنتِ لست في حاجة لشهادة جارتك أو غيرها في أن حياتك تحتاج إلى تغيير، تحملي مسئوليتك تجاه نفسك وأبنائك في أحقيتكم في حياة أفضل، فرغبتك تلك هي رغبة طبيعية فطرية لا تحتاج لتبرير أو مساندة من أحد، فلتكوني صاحبة المبادرة مع أبنائك، فأنتم أصحاب المشكلة، وليس أحد آخر.

 

- فكيف الحال مع زوجك؟

 

لقد عشتِ مع زوجك عدة سنوات لا تقل عن العشر، ويدل على ذلك قدم المفروشات، والحوائط التي تريدين إعادة تجديدها، أي أنها بليت نسبيًّا من مرور السنوات، ولون الحياة بينكما ليس كما يجب أن تكون عليه العلاقة بين زوجين متفاهمين متحابين متفقين على الأقل على الخطوط العريضة لحياتهما معًا.

 

- زوجك مغترب، لا يعيش في بيت الزوجية إلا شهرًا في العام غالبًا، لا يلاحظ فيه في ذلك الشهر ما يحتاجه البيت من تغييرات وتجديدات، يأتي مسرعًا ويرحل مسرعًا، الغربة والسفر يفرضان على صاحبهما نوعًا من التقشف رغبة في اختصار سنوات الغربة، ورغبة في أن يؤمن مستقبل أبنائه من ناحية أخرى، بالرغم من سوء التقدير، فعدم إنفاقه بصورة جيدة عليكم من وجهة نظره، هو ادخار محمود، وإعداد لمستقبل أفضل، بصرف النظر عن الحاضر الرديء، وعليك:

 

- أن تتحدثي معه بهدوء وروية وصارحيه برغباتك التي يجب تهذيبها، فلا تجنحي بها حد الإسراف، ولا يمسك حد التقتير، لا تهدديه بلجوئك للجيران أو غيرهم، لا تهدديه بالفضح، لا ترفعي صوتك في غضب، كوني هادئة تمامًا، واضحة ومحددة، بابتسام وحنو وخضوع لإشعاره المسئولية، ولا تغضبي من كلمة خضوع، فكل امرأة يجب أن تكون لزوجها خاضعة لينة سهلة.

 

- لا تستنكفي أن تشرحي له أهمية الإنفاق، والكرم، وتعويض غيابه ولو بشكل مادي، وأنك تقدرين غربته ووحدته وتعبه، وأنك حريصة على جهده وماله، وأن التغيير المطلوب من حسن تربية أبنائكم، وصورة جيدة له هو، وأن المستقبل مهم أن نعد له، لكن الحاضر أهم بأن نعيشه.

 

- لا تتركي الأمور مفتوحة في مطالبك، نريد تجديد البيت، نريد تجديد المفروشات، نريد ملابس، نريد الخروج، نظمي احتياجاتك حسب الأولويات وفي حدود ضيقة حتى لا يتهمك بالإسراف وعدم تقدير الأمور، ضعي ميزانية تقريبية، ورشدي نفقاتك في ناحية، لتسددي ناحية أخرى وتقاربي.

 

- أعلم أن الظروف الاقتصادية للجميع سيئة نتيجة ارتفاع الأسعار المبالغ فيه وغير الاعتيادي، ولكن علينا الاستغناء عن بعض البنود، لنسدد أخرى حتى تتم المهمة ونشعر بالارتياح لإجراء بعض التجديدات.

 

- لن تكون استجابة زوجك للتغيير سهلة، فسوف يرفض لمرات عديدة، وعليك المثابرة وتكرار الأمر في مناسبات مختلفة ومرات عديدة حتى يستجيب، وهذا قدرك، وعليك أن تصبري حسبة لله، ومن أجل نفسك وأبنائك.

 

- وأخيرًا، فإن الحياة الزوجية لا بد فيها من منغصات تعكر صفوها، وكم من زوجة كانت تتمنى أن يكون زوجها بخيلا ويعطيها بعض وقته، أو يكون بخيلا ولا يحادث نساء على الهاتف طوال الليل مع علاقات متعددة ومشبوهة، وكم من زوجة كانت تتمنى لو يكون زوجها بخيلا على أن يخفض صوته حين يطلب منها شيئًا ولا يده على الفور، فلا تحسبين أن خلف الأبواب المغلقة نعيمًا، إنما كل إنسان له مشكلته التي تناسبه والتي يتحملها بسابق علم الله فيه، لكن مع كل مشكلة هناك وسيلة للحل، وهو مناط اختبارنا كبشر، فلتبدلي نفسك قبل تبديل المنزل، جربي التعامل بهدود ورحمة ومودة، ولا تدعي الإحباط يتسلل لقلبك، ثم عليك بمبدل القلوب،، عليك بالدعاء، ثم الدعاء، ثم الدعاء.