حكم من طلق زوجه سبع مرات وما زال يعاشرها!

<p>السلام عليكم شيخنا الكريم، أنا اسمي فدوة، عمري 44 سنة. تزوجت من زوجي منذ 27 سنة، وكان عمري 14 سنة وقتها. زوجي كان متسلطًا وعنيدًا، أخذ مني مهري وباع العفش لدفع ديون حفلة الزفاف. تزوجت منه وأنجبت 3 أولاد و3 بنات. ابني الكبير تزوج، وابنتان من بناتي متزوجتان في الغربة، وعندي شاب عمره 20 سنة، وتوأمان (ولد وبنت) عمرهم 10 سنوات. زوجي طلقني 7 مرات طلاقًا مدركًا وواعيًا، وكان دائمًا يقول لي: &quot;فدوة أنت مثل أختي، وإذا صار كذا وكذا أنت طالق.&quot; وهو الآن تزوج امرأة أخرى، وكان هذا الأمر صدمة كبيرة بالنسبة لي. فبعد أن كنت مسافرة، رجعت ووجدت ابنة صديقتي نايمة على سريري، وبعد فترة اكتشفت أنها حامل وأنجب منها ولد. أنا الآن مطلقة أكثر من سبع مرات. بسبب هذا الوضع، ذهبنا أنا وزوجي لعدة علماء وأئمة للفتوى، لكن لم يفت لنا أحد بالرجوع معًا إلا شخص واحد قال له: &quot;وزع خبز على الفقراء وصم ثلاثة أيام.&quot; ولكن زوجي لا يصوم، ويكتفي بتوزيع بعض الخبز على الفقراء. نحن الآن نعيش معًا كما لو أننا زوجين، رغم أن العلماء قالوا لنا إن عقد المحكمة قائم ولكننا لا نعد زوجين شرعيًا. الآن، أنا مش عارفة إذا كان ما نعيشه حرامًا أو لا، لأننا نعيش حياة زوجية كاملة، رغم أن الفتوى تقول أننا غير زوجين. لكنني مضطرة أعيش معه من أجل أطفالي الصغار. زوجي أيضًا لا يسمح لي بزيارة أهلي أو أي شخص من الأقارب، وأنا مقطوعة عنهم تمامًا. أنا إمراة فقيرة، ليس لدي تعليم جيد أو مهنة. أحتاج إلى نصيحتك يا شيخنا الكريم بخصوص الوضع الذي أعيشه، هل هذا حرام؟ وماذا يجب عليّ أن أفعل؟ هل يمكن أن يغفر الله لي هذا، مع العلم أن زوجي يقول لي ألا أخبر أحدًا بما يحصل، وأن الله غفور رحيم مادام الناس لا يعرفون؟ وأننا، رغم كل شيء، نعتبر أزواجًا في نظر الله؟</p>

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فنسأل الله تعالى أن يعينك على ما ابتلاك، وإذا صح ما تقولين فأنت محرمة عليه حرمة مؤبدة، بعد الطلقة الثالثة وليست السابعة، لكننا لن نستطيع أن نحكم بوقوع الطلاق أو عدم وقوعه حتى نسمع من الزوج في حضورك ظروف كل طلقة على حدة حتى نتأكد أنه طلاق شرعي مستوف كافة الشروط أم لا.

 

يقول الله تعالى في كتابه الخالد: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ* فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 229- 230].

 

والطلاق الشرعي المجمع على وقوعه هو الطلاق الذي يتم بلفظ صريح، ويقع في طُهر لم يعاشر الزوج الزوجة فيه، ويقع في غير فترة الحيض، وليس معلقًا على شيء، وليس من كنايات الطلاق.

 

وقد جرى الخلاف بين الفقهاء حول وقوع الطلاق البدعي، فالجمهور على وقوعه مع الإثم، ورأي ابن تيمية وابن القيم، واختيار الشيخ القرضاوي رحمه الله على عدم وقوعه وهو ما نرجحه ونفتي به في مثل هذه الظروف.

 

ومن ثم ما ننصح به الزوجة أن تذهب هي وزوجها إلى هيئة متخصصة من هيئات الفتوى وليس فردًا، ويذكر الزوج اللفظ والظرف الذي طلقك فيه، فإن كانت بعض الطلقات لم تقع يُفتي به، وإن كانت الطلقات وقعت أو بعضها بحيث تصل إلى ثلاث طلقات فلا يمكنك البقاء معه ولا معاشرته.

 

وذكرتِ -أختي الكريمة- أن لك منه أولادًا كبارًا متزوجين ومتزوجات فأين دورهم في إنصافك من هذا الزوج إن كان ما تقولينه صحيحًا؟ ولماذا لا تنتقلين للعيش مع واحد منهم أو واحدة منهن إن صحت الطلقات السابقة أو بعضها؟

 

ونقول للزوج اتق الله في زوجتك، واتق الله في نفسك فكيف تطلقها سبع مرات -إن صح هذا- وتعاشرها معاشرة الزوجات دون أن تقف عند حدود الله؟

 

يقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِنَ الكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 231].

 

اللهَ نسأل أن يخفف عنك كربك ويزيل همك ويهدي زوجك إلى الطريق الصحيح.

 

والله تعالى أعلى وأعلم