<p>سيولد لي مولود في أيام عيد الأضحي القادم إن شاء الله، فهل يجوز لي الجمع بين الأضحية والعقيقة ؟؟ ، وخاصة وأنا لا يمكنني ذبح ذبيحتين عن الأضحية والعقيقة؟؟</p>
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذه المسألة - مسألة جمع العقيقة والأضحية في ذبيحة واحدة - محل خلاف بين الفقهاء، لم يجزها الجمهور وأجازها الحنفية ورأي عند الحنابلة، وبعض المعاصرين، وما نرجحه للفتوى، أن يفرد المسلم كلا بذبيحة إن استطاع، فإن عجز جمعهما في ذبيحة واحدة، والله أكرم من أن يرد عبده الذي يطمع في فضله، والله واسع عليم.
والعقيقة: ما يذكى من النعم شكرًا لله تعالى على ما أنعم به، من ولادة مولود، ذكرًا كان أو أنثى.
والأضحية: شكر على نعمة الحياة، لا على الإنعام بالمولود، فلو ولد لإنسان مولود في عيد الأضحى فذبح عنه شكرًا على إنعام الله بولادته كانت الذبيحة عقيقة.
وإن ذبح عنه شكرًا لله تعالى على إنعامه على المولود نفسه بالوجود والحياة في هذا الوقت الخاص، كانت الذبيحة أضحية.
والعقيقة والأضحية تشتركان في بعض الأحكام الفقهية، من حيث صفة وشروط الذبيحة، وحكم العقيقة والأضحية، فالرأي الراجح أن كليهما سنة، وتختلفان في البعض الآخر كطريقة التوزيع وزمن كل منها وغير ذلك، ومن ثمَّ وقع الخلاف بين الفقهاء حول جواز الجمع بين العقيقة والأضحية بذبيحة واحدة، في وقت الأضحية وهي يوم النحر وأيام التشريق، فمنعه جمهور الفقهاء، وأجازه الحنفية ورأي عند الحنابلة.
وإليك تفاصيل هذا الخلاف وأدلته:
القول الأول: لا تجزئ الأضحية عن العقيقة. وهو مذهب المالكية والشافعية، ورواية عن الإمام أحمدـ رحمهم الله ـ
وحجة أصحاب هذا القول: أن كلا منهما – أي: العقيقة والأضحية – مقصود لذاته فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى، ولأن كل واحدة منهما لها سبب مختلف عن الآخر، فلا تقوم إحداهما عن الأخرى، كدم التمتع ودم الفدية.
قال الهيتمي رحمه الله في "تحفة المحتاج شرح المنهاج": "وظاهر كلام الأصحاب أنه لو نوى بشاة الأضحية والعقيقة لم تحصل واحدة منهما، وهو ظاهر؛ لأن كلا منهما سنة مقصودة" ا.هـ.
القول الثاني: تجزئ الأضحية عن العقيقة. وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو مذهب الأحناف، وبه قال الحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتـادة رحمهم الله.
وحجة أصحاب هذا القول: أن المقصود منهما التقرب إلى الله بالذبح، فدخلت إحداهما في الأخرى، كما أن تحية المسجد تدخل في صلاة الفريضة لمن دخل المسجد.
روى ابن أبي شيبة رحمه الله في "المصنف": عن الحسن قال: إذا ضحوا عن الغلام فقد أجزأت عنه من العقيقة.
وعن هشام وابن سيرين قالا: يجزئ عنه الأضحية من العقيقة.
وعن قتادة قال: لا تجزئ عنه حتى يعق.
وقال البهوتي رحمه الله في "شرح منتهى الإرادات": "وإن اتفق وقت عقيقة وأضحية، بأن يكون السابع أو نحوه من أيام النحر، فعق أجزأ عن أضحية، أو ضحى أجزأ عن الأخرى، كما لو اتفق يوم عيد وجمعة فاغتسل لأحدهما، وكذا ذبح متمتع أو قارن شاة يوم النحر، فتجزئ عن الهدي الواجب وعن الأضحية" أ.هـ.
وقال رحمه الله في "كشاف القناع" : "ولو اجتمع عقيقة وأضحية، ونوى الذبيحة عنهما، أي: عن العقيقة والأضحية أجزأت عنهما نصًا [أي: نص عليه الإمام أحمد]" أ.هـ.
وقد اختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فقال: "لو اجتمع أضحية وعقيقة كفى واحدة صاحب البيت، عازم على التضحية عن نفسه فيذبح هذه أضحية وتدخل فيها العقيقة.
وفي كلام لبعضهم ما يؤخذ منه أنه لا بد من الاتحاد: أن تكون الأضحية والعقيقة عن الصغير. وفي كلام آخرين أنه لا يشترط، إذا كان الأب سيضحي فالأضحية عن الأب والعقيقة عن الولد.
الحاصل: أنه إذا ذبح الأضحية عن أضحية نواها وعن العقيقة كفى" انتهى.
والله تعالى أعلى وأعلم