<p>السلام عليكم بجد أنا تعبت نفسيا من كمية الألفاظ البذيئة اللي بقت منتشرة في مجتمعنا بقت الشتائم عادية والناس بتتعامل بيها كأنها كلام طبيعي حتى الأطفال بقى عندهم ألفاظ ماينفعش تتقال أنا مش عارف أتعامل إزاي مع الوضع ده حسيت إني فقدت صبري وبقيت متضايق طول الوقت من اللي بسمعه حواليا زمان حتى الشتائم كانت فيها شوية رقي دلوقتي بقت جارحة ومهينة وبتقلل من احترام أي حوار أو نقاش إزاي أقدر أحمي نفسي من التأثر بالموجة دي وإزاي ممكن يكون لي دور في تحسين أسلوب الكلام في المجتمع من غير ما أحس إني لوحدي في المعركة دي هل في طريقة فعالة تمنع انتشار الألفاظ البذيئة وسط الناس وخاصة الجيل الجديد</p>
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
عزيزي السائل،
أفهم تمامًا مشاعرك وإحساسك بالإحباط حيال انتشار الألفاظ البذيئة في المجتمع، خاصة عندما تصبح جزءًا من الحديث اليومي دون أي وعي بتأثيرها السلبي على الأفراد والعلاقات الاجتماعية.
ما تشعر به يُعرف في علم النفس التربوي بـ "الإجهاد القيمي" (Value Stress)، حيث يعاني الفرد من صدمة أو إحباط نتيجة انتشار سلوكيات تتناقض مع منظومته الأخلاقية والقيمية.
أولًا: كيف تحمي نفسك من التأثر بهذه الموجة؟
1- عليك بتفعيل ما يسمى بالمناعة النفسية.. (Psychological Immunity) فكن حريصًا على تعزيز قدرتك على عدم التأثر بالبيئة السلبية من خلال ممارستك للتجاهل والتغافل، أي ألا تسمح لنفسك بالانزعاج من كل ما تسمعه، وتركز فقط على ما يعزز من سلامك النفسي.
2- حاول أن تحيط نفسك بأشخاص يتحلون بالذوق اللغوي والأخلاقي، وذلك لكى تعيش قدر المستطاع في بيئة نقية لغويًّا، فالإنسان يتأثر بالمحيط الذي يعيش فيه وفقًا لنظرية "التطبيع الاجتماعي".
3- وعندما تشعر بأنك مُرهق بسبب سماع هذه الألفاظ، اخرج فورًا بعقلك من هذا المحيط، ثم مارس تمارين الاسترخاء أو التأمل، فذلك يساعد على التخلص من الانفعالات السلبية ويعيد لك هدوءك وتوازنك النفسي.
ثانيًا: نأتي لسؤالك الآخر عن كيف تؤثر في محيطك بشكل إيجابي؟
1- لا بد أن تكون قدوة لغوية حسنة.. فلا تستهِن بقوة تأثيرك كفرد، فالتغيير يبدأ بالنماذج الإيجابية التي تحافظ على مستوى راقٍ من الحوار.. والتحدث بأسلوب مهذب وصادق سيجعل الآخرين يدركون الفرق بين الكلام البذيء والحديث الراقي.
2- يمكنك تصحيح الأخطاء بأسلوب غير مباشر.. فمثلا: بدلاً من انتقاد من يستخدم ألفاظًا غير لائقة، يمكنك أن ترد ببديل راقٍ أو أن تعيد صياغة الجملة بطريقة أكثر احترامًا، مما سيجعل الشخص يدرك وبدون إحراجه أن هناك طريقة أفضل للتعبير.
3- يجب أن تعمل أنت وغيرك على نشر الوعي التربوي.. سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو التفاعل المباشر مع الأصدقاء والزملاء، فيمكنك التحدث عن خطورة الألفاظ البذيئة وتأثيرها النفسي والاجتماعي، حيث ثبت في علم النفس أن "الكلمات تؤثر على اللاوعي وتُشكّل هوية الفرد اللغوية والعاطفية" (Verbal Influence on Subconscious Mind).
ثالثًا: أما بالنسبة للأطفال، ولكي نواجه انتشار الألفاظ البذيئة بين الأطفال، فينبغي أن ندرك أن الأطفال يتعلمون اللغة والسلوكيات من بيئتهم وفقًا لنظرية "التعلم بالملاحظة" (Observational Learning)، لذا لا بد من التركيز على الآتي:
- تعزيز المفردات البديلة للبذاءة وذلك بتقديم ألفاظ إيجابية تعبر عن المشاعر دون إساءة.
- كذلك القدوة الوالدية والمجتمعية مهمة جدًّا.. فالأطفال يقلدون الكبار، لذا علينا أن نكون مثالًا يحتذى به في الحديث المهذب دائمًا.
- أيضًا التشجيع والثواب بمكافأة الطفل عند استخدامه لغة محترمة مهم وضروري؛ لأن التعزيز الإيجابي يدعم السلوك الجيد.
- ومن المهم أيضًا توضيح العواقب بشرح تأثير الكلمات الجارحة على مشاعر الآخرين بطريقة تتناسب مع فهم الطفل.
- ويجب علينا أيضًا تأصيل الوازع الدينى السليم لدى أبنائنا منذ الأشهر الأولى لعمرهم، تماما مثل اهتمامنا بصحتهم البدنية، وذلك بتعليمهم أن ديننا الحنيف أكد على أهمية انتقاء الألفاظ، حيث قال الله تعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، أي أن الحديث الحسن يُطفئ الغضب ويحقق السلام الاجتماعي. وقال رسول الله ﷺ: "ليس المؤمن بالطعَّان ولا اللعَّان ولا الفاحش ولا البذيء"..، كذلك علمنا أن "الكلمة الطيبة صدقة".
* وهمسة أخيرة للسائل الكربم:
أنت لست وحدك في هذه المعركة، فهناك الكثيرون ممن يرفضون هذا التدهور اللغوي، ولكن التغيير يبدأ من داخلنا.
كن نورًا في محيطك، وثق أن التأثير الإيجابي، وإن كان بطيئًا، فإنه قوي وممتد، فكما قال ابن القيم: "الكلمة الطيبة أثرها لا ينتهي، والكلمة الخبيثة ضررها لا يُنسى".
دمت بخير وسلام نفسي.