Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : استشارات أخرى
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 86
  • رقم الاستشارة : 2033
24/05/2025

هو ليه التخلص من الحياة كفر، أنا مؤمنة بربنا جدا وبحب أولادي جدا، لكن مش بعمل أي حاجه لأي حد، بشتغل وجوزي ببشتغل طول الوقت بس مفيش فلوس. بحاول وعمال اقاوح ومفيش فايدة.

أولادي بيحبوني ومش قادرة أجيبلهم كيس شيبسي، بنهرب من أي لقاء عائلي لأن مفيش إمكانية إننا ندخل بشوية فاكهة أنا أصلا مش قادره أجيبها في بيتي، وأي مناسبة بتحجج ان عندى ظروف.

حتى زوجى بقالنا أسبوع مش بنتكلم، ومفيش حد فينا غلطان، بس القصه ولا أنا ولا هو عندنا حيل نزق بعض أو نسند ع بعض، وجوزي على طول يقول موتي أريح وأولادي هيعيشوا أفضل الحياة اللي أبسط ما فيها مش موجود هيبقى موجود باختفائي.

لما كنت بشوف فيديوهات انتحار ساعات اتضايق ساعات أزعل ساعات أعيط عليهم وأشتم في الظروف اللي وصلتهم لكده.

دلوقت بقيت أحسد أي حد يموت أولادي بحبهم أوي وبعيط كتير لوحدي لأن مش دي الحياة اللي يستاهلوها رغم أني مليش طلبات ولا أي شغف لأي حاجه غير ولادي.

الإجابة 24/05/2025

أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا في موقعك الموقع الإلكتروني للاستشارات، واعتبري نفسك هنا يا أختي وسط عائلتك، فلا تترددي أبدًا في الكتابة والحكي وإخراج كل ما تشعرين به ونحن نعدك بالإنصات والتفهم.

 

أختي الغالية، أسعدتني جدًّا كلماتك وأنت تصفين مدى حبك لله أرحم الراحمين الذي هو معك يراك ويسمعك ويعلم ما تعانين منه، وثقي أن ما تعانين منه هو في وسع طاقتك البشرية ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (البقرة: 286)، ولكن الشيطان أحيانًا يلقي وساوسه ويصور للإنسان أن ما يعاني من ابتلاء لا طاقة له به ويرسخ هذا المفهوم في ذهنه ومشاعره ومن ثم يجعل حياته تضيق عليه بما رحبت ويعجز عن رؤية النعم الكثيرة الموجودة بين يديه، بل إنه يسرق منه مستقبله وهو لا ينتظر فيه إلا الشر والسوء ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: 268).

 

أختي الكريمة، أنت تحبين أولادك حبًّا هائلاً وكذلك يفعل والدهم، فهل هناك نعمة يعيشها هؤلاء الأطفال أكبر من أن يرزقهما الله عز وجل بوالدين محبين ممتلئين بالحنان نحوهم؟ أنا لن أقولك لك إن المال ليس مهمًّا، ولن أقول لك إن أولادك لا يحتاجون الطعام المميز والملابس الأنيقة و.. و.. بلى هذه أمور مهمة للغاية ولكنها ليست الأكثر أهمية.. تخيلي طفلاً يمتلك كل شيء وقد حُرم من حنان أحد والديه.. تخيليه لو حُرم من حب الاثنين معًا!

 

أذكر صديقة لي كان عندها عمل مسائي وذهبت بابنتها عند جدتها كالعادة حتى تنتهي منه فظلت الفتاة تتمسك بوالدتها حتى لا تتركها، فقالت لها الأم اتركيني أذهب كي أشتري لك اللعبة التي تحلمين بها، إلا أن الطفلة فاجأتها بقولها لم أعد أريد اللعبة أنا أريدك أنت.

 

أولادك -أيتها الغالية- مشبعون من حنانك الذي لا يُقدر بأي مال ولا يستطيع أي مال أن يشتريه، ولولا الحزن الذي يُخيم على أجواء البيت لكنتم كعائلة في درجة عالية جدًّا.. وهل تظنين -أيتها الأخت الكريمة- أن كيس رقائق البطاطس يسعد الطفل أكثر من قبلة على جبينه أو حضن يحتويه أو حكاية تُحكى له قبل النوم.. لقد عاشت أجيال كثيرة لا يملكون إلا ضروريات الحياة التي تشبه حد الكفاف عاشوا سعداء.. انظري لجيل الصحابة إن كنت لا تصدقينني.. انظري للبيت النبوي يمر عليه الهلال والهلال والهلال دون طهي وجبة واحدة على النار وإنما هو التمر لا غيره.. وكان في المجتمع الأغنياء والموسرون ولكن هذا لم يُشعر من لا يمتلك المال بنقص في المكانة.

 

قد تقولين لي إن المجتمع تغير وإن مستويات المعيشة تغيرت، وأنا لا أختلف معك في هذا، ولكن حتى في مجتمعنا هذا يوجد كثير من الفقراء الذين يعيشون حالة من السلام ويربون أبناءهم بسكينة في ظلال من الهدوء وراحة البال؛ فهوني على نفسك تهن ويسريها تتيسر، واعلمي أن اليسر مع العسر ﴿فإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً * إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً﴾، ولن يهزم عسر يسرين، وإن النصر مع الصبر، وإن الفرج مع الكرب.

 

الموت والحل

 

هناك سؤال ملح أريدك أن تفكري فيه وأريد من زوجك أن يفكر هل إذا مات أحدكما سوف تحل مشاكل الأبناء المادية؟ بالتأكيد لا بل ستسوء لغياب نصف الدخل، فكيف يكون الموت حلا؟ وكيف نحسد من يموت؟ وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، فإذا كانت المشكلات المادية ستسوء ويضطر الأبناء للعيش في ظلال الصدقات فإن المشكلات النفسية ستفوقها حجمًا عندما يُحرم الأبناء من الحب والحنان، هل تتصورين أن هناك من يقدم الحب أكثر من الأب والأم؟!

 

هل تتخيلين -يا غاليتي- أن ألم الانتحار الأكبر وآثاره تصيب هؤلاء الأبناء بالمرض النفسي ما بين الصدمة العصبية الأولى عندما يعلمون وما بين آثار طويلة المدى تلازمهم العمر كله.. إذن من يرتاح؟ هل المنتحر هو الذي يرتاح ويتخلص مما يعاني منه؟! إذا تجاوزنا أن المنتحر يهرب من مسئولياته تجاه أحبته ويورثهم الألم، فإن المنتحر أمامه حساب على هذه الكبيرة التي قام بها، كبيرة قتل النفس التي حرم الله قتلها.. فهو لم يقتل نفسه إلا بعد أن يئس من رحمة الله ﴿إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ﴾، الشيطان نجح أن يصل به لمرحلة اليأس؛ لذلك أختي الحبيبة لا تجعلي زوجك يردد هذا الكلام، بل قولي له وجودك معي وبين أولادك يكفينا.. المال رزق من الله ورجل مثلك رزق من الله! وصحتنا رزق من الله وأولادنا رزق من الله، أفلا نحمد الله على كل هذا الرزق ونطمع في المزيد من رحمته؟

 

نصيحتي الأخيرة توقفي تمامًا عن مشاهدة فيديوهات الانتحار فلها آثار نفسية خطيرة منها:

 

* الاعتياد على فكرة الانتحار، وتصور أنه أحد الخيارات الممكنة في هذه الحياة، بل وربما يتصور من يشاهد هذه الأشياء أن الخلاص والراحة في الإقدام على مثل هذه الجريمة.

 

* تعزيز الشعور بالعجز واليأس، فهذه المشاهد تغذي هذه المشاعر السلبية وتضعف قدرة العقل على المقاومة.

 

* تفعيل وضع الألم النفسي، فأنت تغذين اللاوعي بكثير من صور الألم التي تتجاوز شعور الإنسان بالاحتراق النفسي المتقطع إلى خلق حالة دائمة من هذا الاحتراق، فهي تجمع ألمك وألم غيرك خاصة إذا تشابهت الظروف وتحمل كل ذلك على مشاعرك.

 

* العدوى النفسية، وهي ظاهرة تعني أن رؤية وسماع قصص الانتحار تدفع آخرين على الإقدام على نفس الفعل.

 

* اضطرابات النوم بسبب الكوابيس والقلق مما يؤثر على نشاطك وحيويتك في اليوم التالي وتظلين تدورين في دائرة مفرغة.

 

خطوات صغيرة على طريق الحل

 

هناك أمور بسيطة يمكن لك ولزوجك اللجوء لها حتى تستطيعوا الخروج من مشاعر الحزن التي تسيطر عليكم، منها:

 

* الحفاظ على الصلاة في وقتها؛ فالصلاة تورث الإنسان الراحة وترزقه الصبر والدعاء أثناء السجود يرفع عن الإنسان أثقاله النفسية.

 

* الحفاظ على أذكار الصبح والمساء فتعيشون دقائق حاسمة تتوكلون فيها على الله وتحمدونه على نعمه.

 

* قراءة ولو صفحتين من القرآن ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد: 28).

 

* اجلسوا كل مساء مع أولادكم .. قومي بعمل أكواب من الشاي وتجمعوا دون الحديث عن أي مشاكل أو تفاصيل أو احتياجات مادية مجرد جلسة للحكي والأنس.. وممكن يكون أيضًا جلسة أسبوعية ولتكن ليلة الجمعة تصنعين لهم فيها (فشار أو بطاطا) ويتم فيها تبادل النكات أو الذكريات في أجواء من الدعابة والمرح.

 

* ويمكن أن تخرجوا جميعًا للمشي ومعكم (الفشار أو البطاطا) وتقضوا الأمسية في الخارج، ولا تنسي التصوير بكاميرا الهاتف لو متاحة فهي تخلق ذكريات جميلة.

 

* اشتركي مع أولادك يوم العطلة في الطهي معًا في ظل جو من المرح.

 

* شراء فاكهة أو حلويات ليس شرطًا من شروط الزيارة العائلية.. أنتم تناولوا الطعام في منزلكم واكتفوا بشرب الشاي مع الجد أو الأعمام أو الأخوال.. ولا تخجلي من إكرام ضيوفك بالمتاح حتى لو كان هو الكوب من الشاي، فالمهم هو دفء العلاقات.

 

* اهتمي بعلاقتك الخاصة بزوجك فهي كفيلة بكسر دائرة الجمود التي تعيشون فيها فهي مجانية تمامًا وكثير من الأشخاص يعانون وينفقون الأموال، وعلى الرغم من ذلك يشعرون بحرمان لا يعوضه طعام أو فاكهة، فاستثمري نفسيًّا وقومي بتجديد حياتكما الزوجية وستشعرين أنت وزوجك بفارق نفسي كبير؛ فالحياة ليست كلها مسئوليات والتزامات وواجبات.. أنتم بحاجة لبعض المتعة والمرح.

 

* توقفوا فورًا عن الحديث عن الانتحار والموت كحل وتبادل القصص عن هذا الموضوع.

 

وأخيرًا، إذا شعرت أن هذا كله غير كاف وأن هناك أفكارًا انتحارية تراودك فلا بد من زيارة الطبيب النفسي فهي ليست عارًا، وهناك مستشفيات نفسية مجانية تقدم خدمات شكر فيها كل من زارها، فلو أنت من القاهرة فلا تترددي في زيارة مستشفى العباسية، ودعي عنك ما يقال عنها، فالخدمات فيها تقدم بمستوى احترافي، ولا تترددي أن تكتبي لنا كل ما تعانين منه أو تشعري به، ولو كانت الكتابة لمجرد الفضفضة فنحن هنا لننصت لكل ما تقولين.. أسعد الله قلبك وأذهب همك وأقر عينك بزوجك وأولادك.

الرابط المختصر :

icon الاستشارات ذات الصلة