Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. مصطفى عاشور
  • القسم : شبهات وردود
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 17
  • رقم الاستشارة : 2047
22/05/2025

منذ أيام صدرت تصريحات من أحد كبار القساوسة الكاثوليك تحذر من خطر الإسلام على أوروبا وأن الإسلام سيغير هويتها الدينية، والسؤال هل الإسلام يشهد تصاعدًا أوروبيًّا يستوجب مثل هذا التحذير؟

الإجابة 22/05/2025

الحقيقة أن التحذيرات من تنامي أعداد المسلمين في أوروبا، وتغير الطبقات التي ينتمي إليها المسلمون في أوروبا، وتزايد ركائز القوة التي بات يتمتع بها المسلمون، لا تشكل قلقًا للكاثوليكية وحدها، ولكن تشكل كذلك قلقًا للعلمانية بكافة أطيافها، وقلقًا للدولة التي ترى في الإسلام تهديدًا لهويتها الأوروبية المستقرة منذ قرون طويلة.

 

وكان عدد من كبار الأساقفة الكاثوليك قد حذروا من تزايد أعداد المسلمين، مثل الكاردينال "كريستوف شونبورن" رئيس أساقفة فيينا، في أحد حواراته الصحفية في سبتمبر 2024م حيث حذر من انخفاض أعداد المواليد في أوروبا، في مقابل تزايد أعداد هجرة المسلمين، معتبرًا أن ذلك تحديًا كبيرًا، مشيرًا إلى أن نفوذ الكنيسة يتراجع في أوروبا، أما الأسقف "أثناسيوس شنايدر" فحذر من أسلمة أوروبا، وأن أوروبا تتعرض لغزوة إسلامية.

 

والحقيقة أن الإسلام يشهد تزايدًا في أوروبا،  اعتمادًا على روافد متعددة منها الهجرة، حيث تستقبل أوروبا سنويًّا مئات الآلاف من المهاجرين من كافة التخصصات والدول، فلم تعد الهجرة مقصورة على طالبي اللجوء السياسي أو العمالة المتدنية الخبرات، ولكن الهجرات المسلمة شهدت تنوعًا كبيرًا بعدما أصبحت أوروبا مقصدًا لعدد غير قليل من العلماء ورجال الأعمال والإعلاميين والمثقفين، وتلك الفئات تجد مكانها اللائق في المجتمعات الأوروبية، وقادرة على التواصل الفعال والإيجابي في أوروبا.

 

كذلك يتميز المسلمون في أوروبا بأنهم أكثر خصوبة من الأوروبيين؛ وهو ما يعني أن إمكانية تضاعف أعداد المسلمين ممكنة في سنوات قليلة.

 

كذلك هناك رافد آخر وهو عمليات تحول الأوروبيين إلى الإسلام، ورغم أن الإحصاءات الأوروبية تعتبر هذا الرافد هو الأقل وتقدر عدد هؤلاء بـ(160) ألفًا فقط، فإن الإحصاءات الفعلية أكبر من ذلك، كما أن كثيرًا من هؤلاء المتحولين إلى الإسلام يتمتعون بمكانة معتبرة في مجتمعهم، وغالبيتهم من الناشطين وهؤلاء لا يتوقف الإسلام عند حدودهم وإنما ينتقل إلى دوائرهم الاجتماعية والمهنية في كثير من الأحيان.

 

تشير الإحصاءات الأوروبية لعام 2025م إلى أن عدد سكان أوروبا حوالي (740) مليون نسمة، يشكل المسيحيون ثلثيهم أي (535) مليون نسمة، أي نسبة (72.23%) من السكان، يليهم الذين لا ينتمون إلى دين ويقدر عددهم بـ(148) مليون نسمة، أي (20%) من السكان، أما المسلمون فيقدر عددهم بـ(50) مليون نسمة، أي (6.81%) من السكان، أي أن الإسلام يأتي في المركز الثاني بعد المسيحية كدين، حيث إن اليهود يشكلون 0.18% فقط من إجمالي سكان أوروبا، ويُقدر عددهم بنحو 1.3 مليون يهودي.

 

وتعد روسيا أكبر دولة أوروبية غربية تضم مسلمين؛ إذ يقدر عدد المسلمين فيها بنحو 16 مليون نسمة، يليها ألمانيا التي يبلع عدد المسلمين فيها 5.5 مليون نسمة، ثم فرنسا، ثم المملكة المتحدة التي يبلغ عدد سكانها المسلمين فيها 4 ملايين نسمة، ثم إيطاليا.

 

لكن إذا اقتربنا من تلك الإحصاءات بصورة أكثر تفصيلا فسنجد أنها تعطي انطباعات أكثر تفاؤلاً، فالهجرة تحقق طفرات كبيرة في أعداد المسلمين في وقت قصير، وتشير التوقعات إلى أن نسبة المسلمين قد تصل إلى 11.2% من سكان القارة الأوروبية عام 2050م، لكن الأهم هو أن الكتلة الشبابية تحتل نسبة كبيرة من أعداد المسلمين تفوق الأوروبيين أنفسهم؛ فالمسلمون هم الأصغر سنًّا، حيث تشير متوسطات الأعمار إلى أنهم يصغرون متوسط عمر الأوروبيين بـثلاثة عشر عامًا، كما أن العائلات المسلمة تزيد في المتوسط بطفل عن نظيراتها الأوروبية.

 

تشير إحصاءات أوروبية حديثة أجراها المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية إلى أن معدل انتقال التراث الديني بين الأجيال بالنسبة للإسلام هو 91%، وبالنسبة لليهود 84%، وبالنسبة للكاثوليك 67% فقط، وهذا الانتقال تلعب الأسرة فيه الدور الأبرز في مسألة نقل الدين وتعاليمه من الآباء إلى الأبناء، وهو ما يعني أن بقاء المسيحية في أوروبا سيعتمد على العائلات التي تُعنى برعاية إيمانها وتنميته وحمايته في أولادها.

 

وتشير الإحصاءات الأوروبية لعام 2023م إلى أن النسبة الأعلى من عدد الأسر في الاتحاد الأوروبي هي من العازبين بدون أطفال، ويقدر عددهم (٧٣.٤ مليونًا)، يليهم الأزواج بدون أطفال ويقدر عددهم بـ (٤٨.٤ مليونًا)، ثم الأزواج الذين لديهم أطفال ويقدرون بـ(30.3 مليونًا)، وهو ما يعني أن أزمة المسيحية تكمن في العائلة التي تنقل الدين قبل المسيحية الأوروبية نفسها كدين وكنيسة.

الرابط المختصر :

icon الاستشارات ذات الصلة