Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : الأخلاق والمعاملات
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 68
  • رقم الاستشارة : 1983
18/05/2025

في شغلي مرات أمر بمواقف تطلب مني أساير وأقدم تنازلات يمكن تبدو بسيطة حق ناس ثانيين، بس بالنسبة لي فيها شوية لعب بذمتي وبمبادئي اللي تربيت عليها.

شلون الواحد يقدر يحافظ على رزقه وعيشة عياله وفي نفس الوقت ضميره يكون مرتاح وما يأنبه؟

وين الخط الأحمر اللي ما أرضى أتعداه مهما صار؟

ودي أعرف شلون أتصرف بهالمواقف.

الإجابة 18/05/2025

أهلًا وسهلًا بك أخي الكريم، وشكرًا جزيلًا على مراسلتنا وثقتك فينا، وأسأل الله العظيم أن يبارك فيك، وأن ييسر لك أمورك، وأن يرزقك رزقًا حلالًا طيبًا مباركًا فيه، وأن يجعلك من عباده الصالحين المتقين، وبعد...

 

فإن التوفيق بين متطلبات العمل والحفاظ على الدين والمبادئ والقيم، من التحديات التي تواجه المؤمن في كل زمان ومكان. إنه صراع بين ما تمليه علينا الظروف وبين ما يمليه علينا الضمير والإيمان.

 

ولكن يجب أن نتذكر دائمًا أنّ رضا الله –تعالى- هو الغاية الأسمى، وأن الرزق الحلال هو الأبقى والأكثر بركة، حتى وإن قل ظاهريًّا.

 

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2 و3]. وهذا وعد إلهي بأنّ من يتقي الله في عمله وفي كل شؤونه، فإن الله سيجعل له مخرجًا من كل ضيق، وسيرزقه من حيث لا يحتسب.

 

ويقول أيضًا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119]. فالصدق هو من أسمى المبادئ التي يجب أن يتحلى بها المؤمن، في عمله، وفي كل شؤونه وعلاقاته.

 

وفي الحديث الشريف، يقول النبي ﷺ: «إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفسًا لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ تعالى لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ» [صحيح الجامع].

 

كيف نوازن بين متطلبات العمل والدين؟

 

أخي السائل، إليك بعض النقاط التي قد تساعدك في التعامل مع هذه المواقف:

 

1- تحديد الخطوط الحمراء بوضوح:

 

قبل الخوض في أي عمل، يجب أن تحدد لنفسك ما هي المبادئ والقيم التي لا يمكن التنازل عنها مهما كانت الظروف. ما هو الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه؟ مثل: الكذب، الغش، أكل حقوق الآخرين... إلخ. فعندما تكون هذه الخطوط واضحة في ذهنك، سيكون من السهل عليك اتخاذ القرار الصحيح في المواقف الصعبة.

 

2- الاستعانة بالله والدعاء:

 

تذكر دائمًا أنّ الله هو الرزاق، وأنّ بيده ملكوت كل شيء. الجأ إليه بالدعاء والتضرع، واطلب منه أن ييسر لك رزقًا حلالًا طيبًا، وأن يثبتك على الحق.

 

3- استشارة أهل العلم والخبرة:

 

في المواقف التي تحتار فيها، وتعجز عن التصرف، لا تتردد في استشارة العلماء والمشايخ الثقات، أو أهل الخبرة في مجال عملك، ممن تثق في دينهم وأمانتهم، فقد تكون لديهم حلول أو نصائح لم تخطر ببالك.

 

4- البحث عن بدائل:

 

إذا وجدت أنَّ عملك الحالي يعرضك باستمرار لمواقف تتعارض مع مبادئك، فحاول البحث عن بدائل أخرى. قد يكون الرزق في مكان آخر، أو في عمل آخر، أتقى وأنقى وأقرب إلى رضا الله.

 

5- تذكر عاقبة الصبر والتقوى:

 

تذكر أن الصبر على الحق والتقوى في العمل قد يكون له ثمن في الدنيا، ولكن عاقبته في الآخرة خير وأبقى. يقول الله تعالى: ﴿وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ [النحل: 126].

 

6- اليقين بأنّ الله لن يضيعك:

 

ثق بأنّ الله تعالى لا يضيع مؤمنًا تقيًّا، ولا يضيع أجر من أحسن عملًا، وأن من يترك شيئًا لله، فإنّ الله يعوضه خيرًا منه.

 

وإليك بعض الأمثلة العملية مما يمكن أن تواجهه، ونصيحة بكيفية التصرف حيالها:

 

- إذا طُلب منك في عملك أن تكذب أو تغش في معاملة ما، فارفض ذلك رفضًا قاطعًا، حتى لو كان ذلك سيكلفك وظيفتك.

 

- إذا طُلب منك أن تأكل حق أحد العملاء، أو أحد من زملائك أو مرؤوسيك، فقف في وجه الظلم، ودافع عن الحق.

 

- إذا طُلب منك أن تشارك في عمل محرَّم، كبيع منتجات محرمة أو تقديم خدمات محرمة، فابتعد عن ذلك فورًا.

 

وختامًا أخي الكريم، إن الحفاظ على الدين والمبادئ والقيم في العمل ليس بالأمر السهل، ولكنه ليس مستحيلًا أيضًا. يتطلب ذلك إيمانًا قويًّا، وتقوى لله، وعزيمة صادقة، واستعانة دائمة بالله تعالى.

 

وَتذكر دائمًا أن الأرزاق بيد الله وحده، وأن الرزق الحلال هو الأبقى والأكثر بركة، وأن رضا الله هو الغاية الأسمى.

 

أسأل الله تعالى أن يوفقك في عملك، وأن يرزقك رزقًا حلالًا طيبًا مباركًا فيه، وأن يحفظك من الفتن، ما ظهر منها وما بطن. وتابعنا بأخبارك.

الرابط المختصر :