Consultation Image

الإستشارة 22/05/2025

أنا فتاة في الجامعة، وأحب الحق وأهله، وأؤمن أن الإسلام هو الطريق المستقيم. لكنني أواجه تحديات صعبة، ففي محيطي الثقافي الذي تغلب عليه الهيمنة الغربية، أجد صعوبة في الثبات على ديني ومبادئي. خاصة أنني أتعامل يوميًّا مع الشبهات التي تُنشر عبر الإنترنت، وبعض الأفكار التي تتناقض مع ما أؤمن به. كيف أتمسك بطريقي وأثبت على الحق في هذا الزمن؟ وكيف يمكنني التعامل مع هذه المؤثرات الثقافية التي تحيط بي في الجامعة وفي وسائل الإعلام؟

الإجابة 22/05/2025

أختي الكريمة، إن التمسك بالحق في ظل ما تعيشين فيه من تحديات أمر يتطلب منك عزيمة قوية ووعيًا عميقًا. إنَّكِ في مرحلة من العمر تحتاجين فيها إلى الثبات على المبادئ، ومواصلة السعي في سبيل الله رغم الفتن التي تحيط بك من كل جانب. لكن تذكري دائمًا أن طريق الحق ليس سهلاً، لكن الله وعدنا بالتثبيت على الحق إذا صدقنا معه.

 

أولاً: التزود بالعلم الشرعي:

 

إنَّ العلم الشرعي هو الركيزة الأساسية للثبات على الحق. قال الله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الزمر: 9). لا يمكن للفرد أن يثبت في مواجهة الشبهات إذا لم يكن لديه أساس علمي يرده إلى القرآن والسنة. فالمعرفة الصحيحة هي التي تقيك من الانحراف وتحميك من التأثر بالأفكار المغلوطة. تعلمي عقيدتك وافهمي أصول دينك؛ فهذا هو الحصن الذي يقيك من الزلل.

 

ثانيًا: التحلي بالصبر والثبات:

 

إنَّ الهيمنة الثقافية الغربية قد تضع ضغطًا نفسيًّا عليك، ولكن تذكري قول الله تعالى: ﴿وجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ فالجهاد هنا يشمل مقاومة الأفكار الهدامة التي تتعارض مع دينك، وأنتِ جهادك في هذه المرحلة هو أن تبقي ثابتة على قيمك الإسلامية في مواجهة هذه الضغوط. ينبغي أن تتحلي بالصبر، فالثبات على الحق في وجه الإغراءات الثقافية والفكرية يتطلب منك إيمانًا راسخًا وصدعًا بالحق مهما كانت الصعوبات.

 

ثالثًا: التعامل مع الشبهات بحذر:

 

مع انتشار المعلومات والشبهات عبر الإنترنت، يجب أن تتعلمي كيف تفرقين بين الحق والباطل. فلا بدّ من الحذر من الأفكار التي قد تبدو مغرية ولكنها تحمل في طياتها سمومًا تهدم الإيمان. اجتهدي في تعلم كيفية تفنيد الشبهات بالرجوع إلى العلماء الموثوقين واستخدمي المصادر الإسلامية الأصيلة لتبيين الحقائق.

 

رابعًا: تعزيز التواصل مع أهل العلم والمجتمع الصالح:

 

من أعظم العوامل التي تساعدك على الثبات على الحق هي الصحبة الطيبة. قال رسول الله ﷺ: «المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل»، فحافظي على علاقاتك مع الأخوات المؤمنات والطالبات المتدينات، وكوني مع أصحاب العلم الذين يساعدونك على تقوية إيمانك ورفع مستوى معرفتك. استفيدي من محاضراتهم ودروسهم، وكوني جزءًا من مجتمع علمي يدعمك في بناء شخصيتك الإسلامية.

 

خامسًا: التحلي بالثقة بالله والتوكل عليه:

 

إن التوكل على الله هو الأساس في الثبات. والعلم بأن ما أصابكِ لم يكن ليخطئكِ، وما أخطأكِ لم يكن ليصيبكِ، والثقة في الله تملأ قلبك بالطمأنينة وتزيل عنك التردد والشكوك. إذا علمتِ أن الله هو الهادي وهو الذي يثبت قلبك على الحق، فلا تخافي من المخاوف التي قد تساورك.

 

وهذه بعض الوصايا العملية أنصحك بها إجمالاً:

 

1. استمري في التعلم: تعلمي كل يوم شيئًا جديدًا في دينك، سواء كان عبر قراءة كتب علمية أم حضور محاضرات، فهذا سيزيد من يقينك ويساعدك على الإجابة على الشبهات التي قد تواجهينها.

 

2. احترسي من الانغماس في وسائل الإعلام المضللة: حاولي تجنب الانفتاح على المواقع والشبكات التي تنشر الأفكار المغلوطة والهدامة. استخدمي الإنترنت بحذر، وابحثي فقط عن المصادر الموثوقة.

 

3. كوني داعية بصمتك: يجب ألا تكوني داعية بالكلام فقط، بل كونك قدوة في سلوكك ومعاملتك مع الآخرين هو أفضل وسيلة للدعوة إلى الحق.

 

4. عززي علاقتك بالله: من خلال الصلوات، والدعاء، وقراءة القرآن، والتفكر في معانيه، لتعززي إيمانك وتثبتي على الطريق المستقيم.

 

وختامًا: أختي الفاضلة، إن الثبات على الحق يتطلب منك التسلح بالعلم والعمل والإيمان بالله، وأنتِ بحمد الله تمتلكين الإرادة الصادقة في ذلك. لا تيأسي من كثرة التحديات، فالله معكِ، وهو الذي يهدي من يشاء. فقط تذكري قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوَعَدُونَ.

الرابط المختصر :