أصدقاء زوجي يحرضونه علي .. ما العمل؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الحياة الزوجية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 47
  • رقم الاستشارة : 3452
01/12/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا امرأة متزوجة منذ سنوات، وأواجه مشكلة تؤرق حياتي الزوجية. زوجي في الأصل إنسان طيب، لكن لديه مجموعة من الأصدقاء الذين ألاحظ أنهم يحرّضونه عليّ ويؤثرون على قراراته بشكل سلبي. هؤلاء الأصدقاء كثيرًا ما يزرعون الشك في قلبه، ويشجعونه على التعامل معي بحدة أو على تجاهل احتياجاتي، حتى في أمور بسيطة كان يتفهمها من قبل. أشعر أن كلامهم يزرع بيننا فجوة ويضعف الثقة التي بنيتها معه.

حاولت أن أتحدث معه بهدوء وأوضح له أثر هؤلاء الأشخاص على علاقتنا، لكنه يرى أنهم مجرد أصدقاء ولا يقتنع بسهولة بأنهم يضرون حياتنا.

أصبحت في حيرة: كيف أتعامل مع هذا الوضع؟ هل أستمر في التنبيه له أم أركز على تقوية علاقتي معه بعيدًا عنهم؟ أخشى أن يتفاقم الأمر ويؤدي إلى مشاكل أكبر بيننا.

أرجو منكم أن توجهوني إلى الطريقة الصحيحة للتعامل مع هذه المشكلة، وكيف يمكنني حماية بيتي من تأثير هؤلاء الأصدقاء المخببين دون أن أخلق صراعًا مباشرًا معه. جزاكم الله خيرًا.

الإجابة 01/12/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أختي الكريمة في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات.

 

مشكلتك –عزيزتي- مشكلة متكررة كثيرًا في بلادنا العربية، وهي ذات تأثير سلبي بالفعل على العلاقة الزوجية، وكثير من الأشخاص يتساهلون في مثل هذه الأمور ولا يتنبهون أنهم بكلماتهم هذه يقومون بدور المخبب ويفسدون العلاقات بين الزوجين.

 

مزاح آثم

 

أختي الكريمة، الواقع يعج بالكثير مما يمكن أن نطلق عليه المزاح الآثم كالنكات والميمز المنتشرة ذات الطابع الكوميدي في الظاهر، حيث تستجلب الابتسامات والضحكات، وإنما هي تحمل رسائل ضمنية بالغة الخطورة تصل للعقل اللا واعي فتمر دون مقاومة وتظهر بعد ذلك في السلوكيات كأنها جزء أصيل من الشخصية، وهو نفس الدور الذي يقوم به الأقران والأصدقاء في مجتمعات الذكور والإناث، على حد سواء.. السخرية من الزواج واعتباره شرًا لا بد منه.. الزواج طبقة سطحية خفيفة من الحلو تليها طبقات من المرارة كل طبقة هي أسوأ من التي تليها أو السخرية من الزوج أو الزوجة بوجه عام ووصفهما بأوصاف غير لائقة.

 

ولو تحدثنا تحديدًا عما يدور في دائرة الذكور فسنجد أنهم يتحدثون في موضوعات شتى، بدءًا من الكرة للسياسة مرورًا بالاقتصاد، لكن هناك مساحة (تزيد أو تقل) تخص الزواج والأسرة والمرأة بوجه عام، وهي مساحة مؤثرة جدًّا وتكون الأفكار فيها بمثابة العدوى.. الأفكار التي تقال عبر النكات أو تعليقات مازحة ونادرًا ما تأخذ شكل مناظرة أو نقاش وحوار عقلاني ومن أخطر الأفكار التي يتم تمريرها:

 

* الزوجة أنثى على سبيل المجاز (إحنا متجوزين غفر)، وغالبًا ما يكون ذلك تعليقًا على صورة منشورة على وسائل التواصل أو مشهد على التلفاز لممثلة أو مطربة أو فتاة إعلان أو نحو ذلك.

 

* الزوجة مصدر النكد، لا تحب الضحك والمرح، وإذا مازحتها فلن تتجاوب، هي تطلب فقط في كل الأوقات.

 

* الزوجة تريد من الزوج أن يعمل ويتحمل المسئوليات طيلة الوقت (الرجل الحمار).

 

* الزوجة لن تكون لطيفة معك إلا إذا كانت تريد منك شيئًا (ماديًّا بالطبع).

 

هذه نماذج شائعة للمزاح من أشخاص ليس لديهم مشكلات نفسية أو زواجية محددة، لكن هناك نكات وتلميحات أسوأ وأثقل وغالبًا ما يقف وراءها رجال مروا بتجارب مؤلمة؛ فالرجل المطلق عبر القضاء قد يرى في كل النساء صورة زوجته، ولن يتردد في القول إن زوجتك وأم أولادك لن تردد في "جرجرتك" للمحاكم.

 

والرجل الذي يشك في زوجته سيرى جميع النساء كخائنات. والرجل الذي لا يحصل على التقدير الكافي في بيته سيقوم بتحريض الرجال لعلاج النقص الذي سيعتريه وسيجعل من أي كلمة عابرة من الزوجة دليل انتقاص، وهكذا.

 

تخيلي إذا هاتفت زوجك وهو في هذه الجلسة وطلبت منه شراء بعض الأشياء معه عند عودته وتصادف ذلك مع حديثهم عن طلبات الزوجة التي لا تنتهي.. فسيقوم زوجك بإنهاء المكالمة وستنفجر الضحكات في الجلسة، وسيعود الزوج للبيت وقد اشترى الأشياء بالفعل ولعله ينقص منها شيئًا متعمدًا لأنه في حالة تحفز، وقد تشعرين وقتها أن أسلوبه حاد وغير ودود، فإذا علقت على المنتج الناقص فوجئت بانفعاله غير المبرر، وقد ينتهي الأمر بمشاجرة وشحناء، وهذا كله بسبب مزاح غير مسئول.

 

ما الحل؟

 

أختي الكريمة، الحوار المباشر لا يُجدي نفعًا في هذه الحالة وأنت جربت بنفسك أن تحدثيه عن خطر هذه الصحبة فلم يتجاوب معك؛ لأنه يشعر أن هؤلاء الأصدقاء جزء من هويته الاجتماعية، وأي انتقاد مباشر يوجه لهم يعتبره انتقادًا وتهديدًا له شخصيًّا؛ لذلك توقفي تمامًا عن النقد المباشر.

 

* زوجك رجل طيب حسن الطباع، تذكري هذا جيدًا، وأنت مدعوة أن تعمقي علاقتك به فهي حائط الصد الأساسي الذي تتشتت عليه كلمات أصدقائه الناقدة واللاذعة.

 

* قومي بتجديد بسيط في حياتك الزوجية.. نزهة قصيرة.. وجبة عشاء لك أنت وهو فقط.. سهرة مميزة.

 

* امتدحيه بصدق وحرارة ولامسي نقاط التوتر الساخنة داخله خاصة فيما يتعلق بالتقدير.. امتدحي ذكاءه وقدرته على تحمل المسئولية، وقولي له بشكل صريح إنك فخورة به وإنه نموذج الرجل الكامل في عينيك؛ فالتقدير الذكوري أحد الاحتياجات الأساسية عند الرجال.

 

* اهتمي بنفسك وقومي بتجديد نمط ملابسك وتسريحة شعرك.. ضعي مساحيق تجميل بطريقة ناعمة وأقرب للطبيعية، اجعليه متشوقًا لرؤتك والجلوس معك.

 

* رحّبي به بشدة عندما يعود من البيت، وعندما يعود من سهرته مع أصدقائه بددي أثر كلماتهم المسيئة والناقدة وهو يرى أن سلوكك معه لا يتطابق مع ما يقولون ويمزحون.

 

* سوقي لنفسك بشكل خفي يصل لعقله الباطن مباشرة.. أنا لا أحب النكد.. الوقت معي ممتع.. أنا ممتلئة بالجمال والحيوية.. أنا واثقة من نفسي.

 

* احرقي ورقة أنك ترفضين تواصله مع الأصدقاء.. رحّبي عندما يقول لك إني خارج بصحبتهم وقولي له استمتع بوقتك.. أنا أيضًا لدي أموري الخاصة، اجذبي فضوله.. وعندما يسألك قولي له إنه روتين جديد للعناية بجمالي وبشرتي.. حمام مغربي، وكوني صادقة في ذلك فاهتمامك بنفسك يساعدك على الاسترخاء.. دعي خياله يعمل معك في الخلفية وهو جالس بصحبتهم.. لا بأس من رسالة عاطفية دافئة تصل إلى هاتفه في تلك الجلسة.

 

* لو اشتكى من أحد أصدقائه فكوني ذكية ولا تنتهزي الفرصة لنقد هذا الصديق.. استمعي إليه وحاولي التماس العذر لكن دون حرارة، اجعليه يقارن بينك وبينهم ويشعر أنك أنت من تسمعينه بلا مقاطعات وتتعاطفين معه بلا حدود، وأنك كصديقة لا تقلين أهمية عن كونك زوجة.

 

* كوني ذكية.. الزوجة الذكية لا تسعى لقطع زوجها عن أصدقائه فهي ليست أنانية لتستأثر به دونهم؛ لأنه سيعاني من مشاعر وحدة قد تصل حد الاكتئاب، ولن تكفي الزوجة وحدها لإشباع هذه الحاجة.

 

الزوجة الذكية تسعى أن تكون صديقته الأولى وليست صديقته الوحيدة. الزوجة الذكية تستشعر الخطأ وتعمل على تلافيه قبل أن يستفحل.. فإذا كان لدى زوجها بعض الأصدقاء يخببونه عليها فهي تعمل على صد هذا العدوان بحكمة وترسل رسائلها لعقل زوجها حتى تحميه من التلاعب بل وحتى يدركه ويميزه بشكل تلقائي.

 

* إذا تصاعدت الأمور بشكل أكبر ولم تستطيعي احتواءها اكتبي لنا مرة أخرى ولكن بكثير من التفاصيل حتى يمكننا مساعدتك أو تواصلي مع والده أو شخص يجله حتى يبين له أخطاءه؛ فالكلام من شخص أكبر سنًّا ومقامًا ينجح غالبًا في تغيير القناعات.. ولا تنسي الدعاء فهو سلاح المؤمن، اجعلي من دعائك أن يصلح الله بينك وبين زوجك ويؤلف بين قلوبكما وأن يجعل من زوجك قرة عين لك، دعاءً ثابتًا.. أسعد الله قلبك، وتابعينا بأخبارك دائمًا.

 

روابط ذات صلة:

"التخبيب".. وسحر التفريق

مقهى الأصدقاء أولى من أبنائنا!!

الرابط المختصر :