Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. مصطفى عاشور
  • القسم : فكرية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 12
  • رقم الاستشارة : 1900
10/05/2025

تعرضت الكثير من الشعائر الدينية الإسلامية والفرائض للتشكيك من العلمانيين والحداثيين العرب.. فكيف نظر هؤلاء إلى فريضة الحج؟

الإجابة 10/05/2025

السؤال ذو أهمية، فهو يكشف جانبًا من رؤية اتجاهات داخل التيار العلماني لفريضة الحج من حيث كونها فريضة وشعيرة، وكذلك غاياتها وأركانها.

 

وقد امتد التشكيك العلماني إلى فريضة الحج لتفريغها من غاياتها، من خلال نسج خيوط وهمية وواهية بين الحج وبين الوثنية العربية القديمة، كذلك الادعاء بأن العصر الحالي بات متجاوزًا للحج ومناسكه، ومن ناحية ثالثة إهدار قدسية الحج وأركانه المكانية والزمانية من خلال الادعاء بأنه يمكن الحج في أي وقت في العام، والزعم بأن الشخص يمكن أن يحج من حجرة بيته، وأنه ليس مقيدًا بالذهاب إلى البيت الحرام في مكة المكرمة.

 

ونشير في البداية إلى موقف العلمانية من الشعائر الدينية والعبادات، ويتلخص في أن "العبادة وفق المنظور العلماني لا تمت بصلة للحياة، فهي مجرد شعائر فولكلورية يشبع بها الإنسان رغباته الفطرية نحو التأليه والتعظيم والتقديس للقوى الغيبية"، وهذه الرؤية العلمانية تنسحب على فريضة الحج.

 

ومن نماذج الشطط العلماني في النظر إلى فريضة الحج في الرؤية العلمانية الجاحدة:

 

* الادعاء بأن الحج من الوثنية:

 

ونجد أصواتًا علمانية متعددة سعت للربط بين الوثنية العربية القديمة وفريضة الحج، ومن هؤلاء:

 

- المهندس السوري "زكريا أوزون" في كتابه "قدسية الحج" وحلقاته على اليوتيوب حيث ادعى أن "المسجد الحرام ليس موجودًا في مكّة، إنما موجودٌ في فلسطين في مكانٍ يقع على بُعد 18 كم شمال شرق القدس"، وله حلقات على اليوتيوب قال فيها صراحة إن الحجر الأسود وكذلك الكعبة المشرفة والطواف حول الكعبة، والسعي بين الصفا والمروة من المظاهر الوثنية.

 

- ونجد كذلك "سيد القمني" و"خليل عبد الكريم" و"نوال السعداوي" و"محمد سعيد عشماوي" وهؤلاء ادعوا أن الحج هو إعادة إنتاج للوثنية العربية القديمة.

 

* إزالة شرعية الحج الزمانية:

 

ويقُصد بها من الجانب العلماني أن الحج ليس محددًا في أيام محددة بعينها، في شهر ذي الحجة؛ فمثلا نجد المصري "أحمد صبحي منصور" والمهندس السوري "محمد شحرور" وآخرين ادعوا أنه يمكن أداء "طقوس الحج" في أي وقت من العام.

 

وادعى أحمد صبحي أن الحج يكون خلال الشهر الأربعة الحرم وليس في شهر ذي الحجة، وادعى أن هذا الأمر سيخفف الكثير من الزحام في الحج، وقال: "وهذا تأكيد على قيام تشريعات الإسلام على التيسير والتخفيف، وتطبيق هذا التشريع هو أدعى الآن حيث يتم حشر بضعة ملايين خلال أسبوع واحد، ويسقط ضحايا فى الزحام خصوصًا في هذا الإفك الذي يقال عنه رمى الجمرات".

 

* تفريغ الحج من مضمونه العبادي والشعائري:

 

ونظر هؤلاء العلمانيون للحج كمجموعة من الشعائر أو (الطقوس حسب التعبير العلماني) يمكن الاستعاضة عنها بأمور أخرى، فمثلا "محمد أركون" طرح "الحج العقلي"، مدعيًا أن الحج رحلة تأملية يمكن استبدال بها بعض الأمور الأخرى لتحقيق الصفاء الروحي، ونجد "سيد القمني" في كتابه "الأسطورة والتراث" يمضى بعيدًا في الافتراء فيزعم وجود جوانب جنسية في الحج سواء حول الكعبة أو في عرفة أو الشرب من ماء زمزم.

 

بل إن "القمني" سخر من سُنة الأضحية والرجم وتقبيل الحجر والطواف بالكعبة وقال: إن طقس الذبح في الحج هو قربان للإله، بينما هو في نظر القيم الإنسانية إهدار بلا ثمن لثروة حيوانية هائلة، وعملية وحشية بلا معنى، تجز ملايين الخراف دون أي عائد سوى تركها لتتعفن، ناهيك عن رجم إبليس الحجري وتقبيل حجر نيزكي وتقديسه والطواف حول بناء حجري"، مدعيًا أن تلك الطقوس لا يقبلها عقل ولا علم.

 

أما الأكاديمي التونسي عبد المجيد الشرفي فزعم أن "الحج من الطقوس التي كانت تمارسها العرب قبل الإسلام، فتبناها الإسلام وأضفى عليها معنى جديدًا منسجمًا مع التوحيد"، وادعى "الشرفي" أن الحج بقيت في مناسكه رواسب الذهنية الأسطورية- خاصة  رجم الشيطان، وكأن الدفاع عن إبليس قضيتهم الأولى.

 

وأخيرًا، هذه الأصوات العلمانية، تسخر أقلامها وأفكارها لتفريغ الإسلام من ركائز قوته وشعائره وفرائضه، والتشكيك فيها، ومحاولة قراءتها بعيدًا عن مصدريتها السماوية، وحقيقتها التشريعية، ولذا من الواجب الانتباه لهذه الأصوات التي تتسسربل بالعقلانية للسطو على حقيقة الدين.

الرابط المختصر :