Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : الأطفال
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 46
  • رقم الاستشارة : 2098
28/06/2025

زوجتي تحب ابني الأصغر عن ابني الأكبر، وبدأت تضرب الكبير وتصرخ في وجهه كثيرًا، وأشاهد بنفسي آثارًا سلبية على الطفل. تدخلت أكثر من مرة ولكن هذا الطبع لن يتغير، ماذا أفعل تجاه الولد وأمه، حيث قد ظهر هذا بعد ميلاد مولودي الثاني الصغير حفظهم الله جميعا هما وأمهم؟

الإجابة 28/06/2025

أخي الفاضل، حفظ الله أبناءك وزوجتك وجعلهم قرة عين لك في الدنيا والآخرة.

 

لقد أحسنتَ حين انتبهت مبكرًا لبوادر هذا الخلل التربوي والعاطفي داخل البيت؛ فالتنبه المبكر نصف الحل، بل هو من تمام القوامة والرعاية الأبوية التي شرّفك الله بها.

 

دعني أضعك في الصورة التربوية والنفسية قبل أن نُقدِم على أي إجراء:

 

أولًا: ما يحدث يُسمّى علميًّا بـ "التمييز العاطفي بين الأبناء"، وقد ثبت في دراسات كثيرة أن التفرقة في المعاملة بين الإخوة تؤدي إلى:

 

- تدنّي مفهوم الذات لدى الطفل المتجاهَل أو المعنّف (Low self-esteem).

 

- شعوره المستمر بعدم الأمان الأسري (Attachment insecurity).

 

- اضطرابات في علاقاته المستقبلية وأحيانًا عدوانية تجاه الأم أو الأخ الأصغر(Sibling rivalry or displaced aggression).

 

وقد يصل الأمر إلى أعراض نفسية لاحقًا كالاكتئاب أو الانسحاب الاجتماعي.

 

وكل هذا – أعاذ الله أبناءنا منه – تبدأ بذوره من لحظات كهذه... من صرخة ظالمة، أو صفعة غير مبررة، أو تفضيل علني متكرر.

 

ثانيًا: إننا لنجد في التربية الإسلامية أن العدالة بين الأبناء واجبة.. وقد علمنا الحبيب المصطفى ﷺ: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم".

 

وحين جاءه النعمان بن بشير يريده أن يشهده على هبة خصّ بها أحد أبنائه، فرفض ﷺ ذلك لأن فيها جورًا، وقال: ""أَشهِد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور". فلم يرض رسول الله أن يُهدى أحد الأبناء هدية دون الآخر، فكيف بمن يُهدي أحدهم الحنان، ويُهدي الآخر العنف؟!

 

ثالثًا: نصيحتي لك في التعامل مع الأم والولد:

 

أولًا: تجاه الأم: بلطف وحكمة لا مواجهة..

 

1- افصل بين الفعل والفاعل.. فمثلا لا تقل لها: "أنتِ تكرهين ابننا!" بل قل: "أنا واثق أنك تحبينه، لكن هناك أفعال تؤذيه بشدة دون أن تشعري".

 

2- افتح لها الباب للتعبير عن ضغوطها، فمن النساء من تمرّ بعد الولادة بما يُسمى "اكتئاب ما بعد الولادة" (Postpartum Depression) أو تقلبات المزاج (Mood swings) بسبب اضطراب الهرمونات، مما يزيد عصبيتها أو ميلها للانفعال من دون وعي.. فالتمس لها العذر.

 

3- اقترح عليها جلسات تربوية أسرية بسيطة أو قراءة كتابات موثوقة حول الفروق العمرية والتعامل العادل بين الأبناء، مثل كتاب "الأبناء المفضلون" للدكتورKevin Leman.

 

4- اجعل الحديث ثنائيًّا هادئًا وقت الصفاء، واذكر لها موقفًا إيجابيًّا لها مع الابن الأكبر لتمهّد لنية الإصلاح، فـ"الكلمة الطيبة صدقة"، لا سيما بين الزوجين.

 

ثانيًا: تجاه الابن الأكبر: حاول أن تعوضه تعويضًا حقيقيًّا..

 

1- امنحه حضنًا دائمًا، واهتمامًا مضاعفًا، وتعامل معه كما يتعامل الطبيب مع الجرحى.. فالجرح العاطفي لا يُرى ولكن أثره عميق.

 

2- تحدث معه بصدق ولكن دون تشويه صورة الأم.. قل له مثلًا: "ماما تحبك ولكن أحيانًا تتعب مثلي، وستتحسن الأمور.. لكنك قوي وأنا معك".

 

3- أعطه فرصًا للتميز والمسؤولية.. مثل أن يكون مساعدك أو حامل مفاتيح البيت أو صاحب الدعاء على مائدة الطعام.. كلها تُشعره بالأهمية والانتماء.

 

4- راقب تعبيراته وسلوكه في اللعب والرسم والكلام.. فالأطفال أحيانًا يُخرجون ما بداخلهم بهذه الوسائل. وإن لاحظت أعراضًا نفسية مزعجة تتكرر، فلا مانع من استشارة مختص نفسي للأطفال (Child psychologist).

 

* وهمسة أخيرة للأب الفاضل:

 

أنت الآن حائط الأمان لهذا الطفل. إذا هدمتْ زوجتك بجفوتها جدارًا من الطمأنينة، فلتبنِ أنت ألف جدار من الحنان والعدل. واجعل أبناءك يشعرون أنك نبيُّ هذا البيت في الرحمة، لا فرعون في الغلظة؛ فعدلك في ولدك خير من كثرة عطائك له.. فما بالنا بمن جمع بين الظلم والإهمال؟!

 

أسأل الله أن يلين قلب أمهم، وأن يجعل أبناءكم زينة في الدنيا وذخرًا في الآخرة، وأن يسخّر قلوبكم للرحمة والتآلف.

الرابط المختصر :