القرض الحسن المصرفي.. حقيقته وحكمه وخطورته

Consultation Image

الإستشارة 04/11/2025

ظهر في بعض البنوك الإسلامية مصطلح القرض الحسن المصرفي وصورته أن يقرض البنك العميل مع الاشتراط عليه أن يدفع للبنك نسبة محددة من المال على قصد التبرع الإجباري ، ولا يقرضه البنك إلا  إذا وفَّى بهذا الشرط فما حكم هذا القرض، وهل يكون حسنا بهذه الطريقة ؟ أفتونا مشكورين مأجورين.

الإجابة 04/11/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالقرض الحسن بناء على تعريف بعض البنوك الإسلامية: هو عبارة عن الاقتراض بدون فائدة، ويجب على المدين دفع المبلغ الذي اقترض عليه مع التفضُّل منه لدفع الزيادة على المبلغ الأوَّل، ويكون تقدير هذه الزيادة من نفسه على الإطلاق، لا من البنك، وهي في مثابة عمولة للدلالة على الشكر والتقدير.

 

تلبيس في الأمر

 

وهذا من التلبيس الذي ابتلينا به في هذا الزمان، فكيف يكون التبرع واجبًا، وكيف يكون شرطًا لإتمام عقد القرض، فكأنه يقول أقرضك قرضًا حسنًا بشرط أن تدفع لي زيادة واجبة عليك على سبيل التبرع ورد الجميل، وحكمه حرام باتفاق المجامع الفقهية المعتبرة، ولم يفتِ بالجواز إلا بعض هيئات الرقابة الشرعية المنتفعة من معاملات البنوك، وفتواها غير مقبولة شرعًا ولا عقلاً، اللهم إلا إذا كانت النسبة تنفق فقط في خدمة القرض ولا يستفيد منها البنك شيئًا، وهذا لا يحدث في الغالب.

 

الفرق بين القرض الحسن والمصرفي

 

وهناك فرق جوهري بين القرض الحسن الذي تكلم عنه القرآن الكريم والسنة المطهرة واتفق على مشروعيته الفقهاء وبين القرض المصرفي المنظم، وهذا الفرق ترتب عليه اختلاف الحكم الشرعي، فبينما أجمع الفقهاء على صحة مشروعية القرض الحسن، لم يحدث الاتفاق على القرض المصرفي، ولم تجزه إلا هيئات الرقابة الشرعية في بعض البنوك الإسلامية، وشهادتهم مجروحة في هذا الشأن، حيث إنهم منتفعون بشكل أو بآخر من هذا الحكم الشرعي.

 

عدم جواز القرض المصرفي المنظم

 

والخلاصة عدم جواز القرض المصرفي المنظم لأن المقترض يدفع الزيادة اضطرارًا، ولا يغير في الحكم صورية العقد التي تقول إنه دفعها تبرعًا، أو هبة، لأنه لو لم يدفع الزيادة فلن يحصل على القرض.

 

ونقول أيضًا إن التحايل على الحرام أشد جرمًا وأعظم إثمًا من فعل الحرام نفسه، وبذلك نعيذ البنوك الإسلامية من الوقوع في الربا، وقد قامت أصلا لمحاربة الربا، أو تقديم البديل الشرعي له.

 

ويمكن للبنوك الإسلامية أن تخصص جزءًا من زكاة مالها للقرض الحس دون زيادة لا مشروطة ولا غيرها، حتى لا تقع في الشبهات التي تؤدي إلى الوقوع في الحرام الواضح الصريح.

 

قرار مجمع الفقه الإسلامي

 

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي، بخصوص أجور خدمات القروض في البنك الإسلامي للتنمية:

 

أولاً: يجوز أخذ أجور عن خدمات القروض، على أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية.

 

ثانيًا: كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة، لأنها من الربا المحرم شرعًا.

 

وفي قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس، بخصوص موضوع التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها:

 

1. أن تقدم الدولة للراغبين في تملك مساكن، قروضًا مخصصة لإنشاء المساكن، تستوفيها بأقساط ملائمة، بدون فائدة، سواء أكانت الفائدة صريحة، أم تحت ستار اعتبارها (رسم خدمة).

 

على أنه إذا دعت الحاجة إلى تحصيل نفقات لتقديم عمليات القروض ومتابعتها، وجب أن يقتصر فيها على التكاليف الفعلية لعملية القرض.

 

2. عدم وجود شرط ربوي، كغرامة على التأخر في السداد، وهذا الشرط محرم، ولا يجوز التوقيع عليه ولو مع العزم على السداد، كما بينا في عدة فتاوى.

 

التعامل المصرفي بالفوائد

 

قرار مجمع الفقه بشأن التعامل المصرفي بالفوائد وحكم التعامل مع المصارف الإسلامية:

 

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ، الموافق 22-28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م،

 

بعد أن عرضت عليه بحوث مختلفة في التعامل المصرفي المعاصر،

 

وبعد التأمل فيما قدم ومناقشته مناقشة مركزة أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على النظام الاقتصادي العالمي، وعلى استقراره خاصة في دول العالم الثالث،

 

وبعد التأمل فيما جرَّه هذا النظام من خراب نتيجة إعراضه عما جاء في كتاب الله من تحريم الربا جزئيًّا وكليًّا تحريمًا واضحًا بدعوته إلى التوبة منه، وإلى الاقتصار على استعادة رؤوس أموال القروض دون زيادة ولا نقصان قلّ أو كثر، وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله ورسوله للمرابين، قرر ما يلي:

 

أولًا: أن كل زيادة أو فائدة على الدَّين الذي حلَّ أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد. هاتان الصورتان ربا محرم شرعًا.

 

ثانيًا: أن البديل الذي يضمن السيولة المالية والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التي يرتضيها الإسلام هو التعامل وفقًا للأحكام الشرعية.

 

ثالثًا: قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية إلى تشجيع المصارف التي تعمل بمقتضى الشريعة الإسلامية، والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامي لتغطي حاجة المسلمين كي لا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته.

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

 

روابط ذات صلة:

حكم انتفاع البنوك الإسلامية بالرهن

فوائد البنوك.. الخطر الذي يهدد العالم

الفوائد البنكية.. بين التحليل والتحريم

 

الرابط المختصر :